غلبت دموع عضو مجلس الشورى الدكتور أحمد الزيلعي على حديثه في سبتية الجاسر في الرياض أمس، وهو يروي هول الصدمة والفجيعة التي داهمته فور علمه بنبأ رحيل أستاذ اللغة العربية في جامعة الملك سعود الدكتور الراحل عوض القوزي. وافتتح الدكتور الزيلعي حديثه في محاضرة ألقاها صباح أمس في سبتية الجاسر، شاركه فيها أستاذ الأدب العربي في جامعة الملك سعود الدكتور مرزوق بن تنباك، بسرد ذكرياته مع رفيق دربه الدكتور عوض القوزي، ووصفه ب «سيبويه زمانه وعالم عصره»، واستعرض صفاته التي ميزته عن بقية أقرانه في السماحة والتواضع وحبه للخير ودماثة الخلق، مستعرضًا بدايات حياته ونشأته؛ حيث ولد القوزي ونشأ في بلدة القوز بمحافظة القنفذة، مشيرا إلى أنه كان متفوقًا منذ مراحله التعليمية الأولى، وقد لازمه تفوّقه طوال سنينه الدراسية، منتظماً في معهد المعلمين الابتدائي في القنفذة ومركز الدراسات التكميلية في الطائف، ومنتسباً في المراحل المتوسطة والثانوية والجامعية التي اجتازها جميعها بتفوّق وهو على رأس عمله معلماً في المرحلة الابتدائية بأكثر من مدرسة من مدارس تعليم القنفذة، ثم في مكةالمكرمة ومنها إلى الرياض. وقال الزيلعي إنه كان زميلا ملازما للفقيد في الرياض، وكانا لا يفترقان إلا وقت النوم والعمل؛ حيث كان يجمعها هدف واحد هو الحصول على الشهادة الجامعية والعودة إلى محافظة القنفذة للإسهام مع أهلهم في نهضتها الحديثة التي بدأت بواكيرها تلوح في الأفق، خصوصاً بعد الزيارة الميمونة التي قام بها الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكةالمكرمة حينذاك في عام 1392ه. إلا أن قدر الله سبحانه وتعالى كان فوق كل شيء؛ إذ ترشّحا مُعيدين في الجامعة، الدكتور عوض في قسم اللغة العربية، والدكتور الزيلعي في قسم التاريخ، وابتدأت مرحلة جديدة في حياتهما ودراستهما لمرحلة الماجستير في الجامعة نفسها، ثم الدكتوراة في بريطانيا؛ حيث كان الدكتور عوض في جامعة أكسفورد، والدكتور الزيلعي في جامعة درهام إلى الشمال الشرقي من أكسفورد. وعلى الرغم من بعد المسافة بينهما فإنهما كانا على اتصال شبه ليلي عبر الهاتف، ولا يمر شهر دون أن يلتقيا في لندن، ثم ازداد تواصلهما والتقاؤهما بعد تأسيس صندوق الطلاب السعوديين في بريطانيا بجهود مشكورة من رفيق دربيهما الدكتور مرزوق بن تنباك الذي كان حينذاك يحضر لدرجة الدكتوراة في جامعة أدنبرة في أسكتلاندا. وبدأوا في إصدار مجلة الطالب الشهرية التي تشكّلت هيئة تحريرها من كل من: د. الزيلعي، والزميلين أ.د. عبدالله المعطاني، ود. محمد بن سليمان الأحمد، برئاسة أ.د. عوض القوزي. كما وصفه الزيلعي الذي سايره منذ ما يزيد على أربعين عاماً، أنه من أكرم الناس، وأجملهم عشرة وتسامحاً وسعة صدر، لا يحمل على أحد، ولا يعرف الحقد والكراهية إلى نفسه سبيلاً. ثم عرّج للحديث عن إصداراته ومؤلفاته وكتبه التي أثرى بها المكتبة العربية في مجال النحو واللغة، كما أن له من التآليف والدراسات والبحوث والكتب المحققة الشيء الكثير، بعضها نشر، وبعضها لم ير النور إلى الآن، وآمل أن تسارع الجهات التي تقدّر جهود أبي محمد ودقّته في التحقيق إلى إتمام الأجزاء المتبقية من تحقيقه لشرح أبي سعيد السيرافي لكتاب سيبويه الذي علمت أنه انتهى من نسخه، ودرس سبعة من أجزائه التي تزيد على 20 جزءاً، ثم العمل على نشره وفاءً لعوض، وخدمة للباحثين والدارسين، وإثراءً للمكتبة العربية والمعرفة الإنسانية بهذا السفر المهم في بابه. وللدكتور عوض (رحمه الله) حضور مميز في المؤتمرات والندوات المحلية والعربية والعالمية، وهو عضو بارز في عدد من الجمعيات والاتحادات العلمية بما في ذلك عضويته في مجمعي اللغة العربية بدمشق والقاهرة. من جهته، كشف الدكتور مرزوق بن تنباك عن اعتزام كرسي الدكتور المانع في استكمال مشروع الدكتور عوض القوزي الذي يربو على عشرين مجلدًا أنجز منها ستة أجزاء في شرح السير لتعليقة سيبويه، ووصف القوزي بأنه حامي العربية وذكر جهوده وقدّم نبذة موجزة عن مسيرته العلمية وذكرياته معه، كما أُتيح المجال للحضور من زملائه ومحبيه وتلامذته الذين سردوا مرثياتهم في ذكرياتهم مع الفقيد وألقوا القصائد الشعرية. جانب من الحضور في سبتية الجاسر أمس (الشرق)