القطيف – محمد المرزوق صعوبات التنقل والسكن ترفع معدلات التسرب من التعليم الجامعي في المحافظة. شح التخصصات وضعف الطاقة الاستيعابية في الجامعات القريبة يصرفان الطلاب عنها. ربع طلاب القطيف لا يتسلمون مكافآت جامعية و62% منهم يتعرضون إلى حوادث مرورية. 8 آلاف ريال للسكن في الفصل الواحد.. و500 للتنقل.. و66% من الطلاب لا تكفيهم المكافأة. تتجه أنظار سكان محافظة القطيف إلى مكتب وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، في الرياض، منتظرين رد فعله حول دراسة استحقاق المحافظة جامعة، قدمتها مجموعة «قطيف الغد» قبل شهر في لقاء جمع بين الوزير وأعضاء من المجموعة في مكتبه بالوزارة. وكشفت الدراسة، التي حصلت «الشرق» على نسخة منها، عن وجود عجز في المقاعد الجامعية يتجاوز 43 ألف مقعد، مع تسرب متزايد بين الطلاب نتيجة للصعوبات التي يواجهونها ومنها عدم تسلم ربعهم المكافآت. يأتي ذلك في وقت استوفت فيه «القطيف» شروط ومعايير «التعليم العالي» في استحقاقها الجامعة، وهي خمسة معايير تشمل الكثافة السكانية، وحجم المجتمع الطلابي، والموقع الجغرافي، ومدى توافر التعليم العالي الأهلي، واحتياج سوق العمل. إحصاءات موثقة وأعد الدراسة، التي حملت عنوان «التعليم العالي في القطيف»، بلقيس السادة، مالك السعدي، مؤيد قريش، وراجعها ودققها حبيب الرهين، سلمان رامس، أحمد السادة، محمد السعيدي. واعتمدت على مصادر رسمية شملت النتائج التفصيلية للمنطقة الشرقية للتعداد العام للسكان والمساكن، الذي أجرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات لأعوام 1425 – 1431، والخطة الخمسية الثامنة للمملكة، وزارة التخطيط 1425 – 1430، ووزارة التعليم العالي، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، إضافة إلى استطلاع آراء الطلاب والطالبات. وأوضح عضو مجموعة «قطيف الغد»، مؤيد قريش، أن تقديم دراسة مدعمة بالأرقام وموثقة إلى وزير التعليم العالي هدفها تسهيل مهمة اتخاذ قرار إنشاء مدينة جامعية في محافظة القطيف، خاصة أن الدراسة لم تغفل اشتراطات وزارة التعليم العالي في إنشاء جامعة، مضيفاً أن ما قدمته «قطيف الغد»، وهي مجموعة تطوعية تضم باحثين وأكاديميين، من عمل أهلي تطوعي يأتي ضمن شعورها بالمسؤولية الاجتماعية في بناء الوطن. التقارب الجغرافي ليس مبرراً وتتوسط محافظة القطيف المنطقة الشرقية بشكل عام، وتربط رأس تنورة والجبيل شمالاً وحاضرة الدمام جنوباً. وتنفرد المنطقة الشرقية بكثير من قطاعات العمل، التي تشكل عصب الاقتصاد الوطني، لكونها عاصمة الصناعات البترولية والبتروكيماوية وصناعة التعدين وقطاع تحلية المياه والكهرباء والصناعات التحويلية والقطاع المالي وقطاعي الزراعة والأسماك. وبحسب الدراسة يمكن لجامعة في القطيف أن تخدم سكان خمس محافظات إضافة إلى القطيف. وتتميز القطيف بمحدودية الضوضاء مقارنة بالدمام والخبر، فقلة المصانع فيها وبيئتها الريفية تؤهلها لاحتضان جامعة. وأوضحت الدراسة أن التقارب المكاني لعدد من المحافظات والمدن ليس مبرراً لعدم استحداث جامعة، حيث تضم منطقة الرياض ثماني جامعات، فيما يوجد في منطقة مكةالمكرمة ثلاث جامعات، وفي المنطقة الشرقية جامعة الدمام لا تبعد عن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سوى 12 كيلو متراً، وجامعة الملك فهد تبعد عن جامعة الأمير محمد بن فهد الأهلية ثلاثين كيلو متراً، فيما تبعد القطيف عن تلك الجامعات (الدمام، الملك فهد، الأمير محمد) أربعين كيلو متراً . الكثافة السكانية وبيَّن قريش أن أهم ما ارتكزت عليه الدراسة من معايير، أن محافظة القطيف تعد رابع أكبر تجمع سكاني بين محافظات الفئة (أ)، وتعد محافظة القطيف واحدة من أكبر عشر محافظات في المملكة من حيث تعداد السكان، حيث تأتي في المرتبة الأولى محافظة جدة ب 1.729.007 نسمة، ثم الأحساء ب 870.577 نسمة، ثم الطائف ب 798.912 نسمة، فالقطيف ب 455.811 نسمة، ثم يعقبها خميس مشيط وحفر الباطن والخبر والخرج والقنفذة وينبع. وتضم القطيف أعلى نسبة من السكان السعوديين بين محافظات المملكة تصل إلى 87%، تليها الأحساء (82%)، فالطائف (81%) فالرياض (60%) ثم جدة (50%). كما تضم كتلة طلابية في جميع المراحل الدراسية بواقع 172.704 طلاب وطالبات، مقارنة بما يجاورها من محافظات الدمام (136.714 طالباً وطالبة)، والخبر (114.497 طالباً وطالبة)، والجبيل (85.716 طالباً وطالبة). وتضم المحافظة، أيضاً، أعلى حجم طلابي في المرحلة الثانوية ويصل عددهم إلى 37.383 طالباً وطالبة، بما يجعلها سابع أعلى تجمع لطلاب الثانوية في المملكة. وخلصت الدراسة إلى استيفاء المحافظة أهم المعايير التي تخولها لإنشاء مدينة جامعية، وفق توصيات مجلس التعليم العالي، في الوقت الذي تواجه فيه مشكلة انخفاض الطاقة الاستيعابية في الجامعات المجاورة «حكومية وأهلية»، إضافة إلى غياب مؤسسات التعليم العالي فيها، رغم أن كتلتها السكانية تفوق سكان ثلاث محافظات مجتمعة توجد بها ثلاث جامعات، وهي: الدوادمي (173.425 نسمة)، والمجمعة (98.078 نسمة)، وشقراء (28.823 نسمة)، حيث يقل عدد سكان تلك المحافظات الثلاث عن سكان القطيف بنحو 155 ألف نسمة. وتعد نسبة طالبات محافظة القطيف الملتحقات بمرحلتي الثانوية والجامعية الأعلى على مستوى المملكة، يدفع خلو المحافظة من أي صرح جامعي نسبة كبيرة منهن إلى السكن في مناطق بعيدة عن أسرهن. وما يزيد الأمر سوءاً أن أولولية القبول في بعض الجامعات تكون للطلاب والطالبات المولودين والمقيمين في المناطق التي تقع فيها جامعات. وتعاني المحافظة عجزاً في المقاعد الدراسية للمرحلة الجامعية يُقدّر بنحو 43.136 مقعداً، ما يجعل الشرقية في حاجة إلى مدينة جامعية تساند الموجود فيها. يضاف إلى ما سلف، أن الطاقة الاستيعابية للجامعات القريبة من محافظة القطيف تعد دون الحاجة الفعلية التي تمثلها الكثافة الطلابية، إضافة إلى شح التخصصات في الجامعات القريبة، مع الأخذ في الاعتبار أن لمحافظة القطيف الأولولية بوجود جامعة مقارنة بالمحافظات الأخرى القريبة كالدمام والخبر لكونها الأعلى تعداداً من حيث الطلاب والطالبات مقارنة بالدمام والخبر، ولاحتلالها المرتبة السابعة على مستوى المملكة من ناحية الكثافة الطلابية. صعوبات تواجه الطلاب وتعد الصعوبات المالية أبرز العقبات التي تواجه الطلاب نتيجة بعد الجامعة عن مقر السكن الدائم، حيث يتحمل 21% من طلاب القطيف الدارسين خارجها تكلفة تزيد في المتوسط على 8000 ريال في الفصل الدراسي الواحد، ويتحمل 38% تكلفة تزيد على 500 ريال للمواصلات. ويرى 66% من الطلاب المستطلعة آراؤهم أن مكافآت الجامعة لا تكفي متطلبات الدراسة من سكن ومواصلات وغيرهما، وما يقارب ربع الطلاب المستطلعة آراؤهم لا يتسلمون مكافآت. وسجلت محافظة القطيف انسحاب طلاب من الدراسة الجامعية في السنوات الأخيرة نظراً لإيقاف المكافآت وعدم قدرتهم المادية على تحمل تكاليف الغربة. مواصفات مطلوبة واقترحت الدراسة، أن يراعى في الجامعة المطلوبة أن تتناسب الطاقة الاستيعابية للجامعة مع حجم المجتمع الطلابي في المحافظة، وحجم مخرجات التعليم العام، بحيث لا يقل عدد المقاعد الجامعية عن 30 ألف مقعد، وأن تضم عدة أقسام بتخصصات متعددة تتلاءم مخرجاتها مع متطلبات سوق العمل والقطاعات الاقتصادية في المنطقة الشرقية، وأن تضم مجمعاً سكنياً ومستشفى جامعياً، ومكتبة عامة، ومركز أبحاث، ومرافق وتزود بالتقنيات الحديثة، وأن تنشأ المدينة الجامعية في منطقة قابلة للتوسع المستقبلي. واقع التعليم العالي في القطيف (جرافيك الشرق)