في الوقت الذي ترى فيه إسرائيل أن إطلاقها سراح معتقلين فلسطينيين «يثبت عزمها التوصل إلى اتفاق لتسوية النزاع»، كما قال مبعوثها لدى الأممالمتحدة في جنيف أمس، نجد أن سلطة الاحتلال تمارس عمليات الاستيطان في تغيير للواقع الديموجرافي للسكان في جميع الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وهو ما يُضعِف احتمالات قيام دولتهم، وحتى إن قامت لا يُتوقّع أن تكون ذات سيادة، الأمر الذي يرفضه الشعب الفلسطيني. إسرائيل تفرج عن بعض المعتقلين الذين احتجزتهم داخل سجونها لعقود، وتستغل هذا الإجراء للترويج لنفسها أمام العالم، لكنها في الوقت نفسه تريد أن يكون ترسيم حدود دولة فلسطين خاضعاً للاحتياجات والضرورات الأمنية الإسرائيلية والاستيطانية، وهي ضرورات لا تنتهي وطالما تحدث عنها زعماء إسرائيل منذ عقود، ومن شأنها تقويض إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة. إذاً لا جديد، فالاحتلال الإسرائيلي يسير وفق خطة استيطانية لا تبالي باستئناف المفاوضات، وهو ما ينذر بفشلها مقدماً، هذه نتيجة يتوقعها الجميع، أن تنتهي عملية التفاوض دون تقدم ملموس. هذه المفاوضات التي بدأت قبل عشرين عاماً في أوسلو كان من المفترض أن تنجز جميع مراحلها التي تم الاتفاق عليها حينها بين رئيس إسرائيل الحالي شمعون بيريز (وزير الخارجية آنذاك) والرئيس الفلسطيني محمود عباس بصفته كبير المفاوضين الفلسطينيين. كانت المفاوضات تنص على فترة انتقالية من الحكم الذاتي للفلسطينيين لا تتجاوز الخمس سنوات للوصول إلى تسوية دائمة بما لا يتعدى بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية، والآن يمر عشرون عاماً من المماطلة الإسرائيلية مع استمرار الاستيطان. الجديد أن إسرائيل تسعى في ظل الظرف التاريخي الذي تمر به المنطقة إلى كسب مزيد من الوقت لتوسعة الاستيطان ولحصد أكبر قدر من الامتيازات؛ لأنها تخشى أن يشهد الشرق الأوسط تحولات كبيرة خلال السنوات المقبلة تؤثر على وضعيتها، خصوصاً أن الحليف الأول لها، واشنطن، يفقد كثيراً من نفوذه؛ لضعف مواقفه السياسية ولمشاركته بشكل أو بآخر في إضعاف منظومة الأممالمتحدة.