قالت الدكتورة ملحة عبدالله، الكاتبة المسرحية السعودية التي حازت على الجائزة العالمية لأفضل نص مسرحي عربي ضمن مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، الذي تستمر فعالياته حتى 28 من هذا الشهر، إنها لن تشارك في ندوة عربية لاحقاً؛ احتجاجاً على سلوك ثقافي لدى المعنيين بالمسرح، بسبب استغراقهم في طرح آراء انطباعية غير قائمة على أسس نقدية تسمح بالاستفادة من تجارب الفنانين والنقاد المسرحيين للخروج من أزمة مصطلح «المونودراما»، الأمر الذي لا يحقق أياً من شروط الندوة التي يقيمها المهرجان لهذا الهدف. وقد جاء ذلك في ختام الجلسة الأولى من الندوة الرئيسية «المونودراما بين المصطلح والحداثة»، وجرت صباح أمس الإثنين في قاعة فندق الميريديان في مدينة دبا الحصن في الفجيرة، حيث تقام فعاليات المهرجان، وذلك بمشاركة الممثلة والمخرجة اللبنانية نضال الأشقر، والكاتب المسرحي المصري المخضرم محفوظ عبدالرحمن، والفنان العُماني عبدالكريم جواد، وأدارها الفنان الكويتي عبدالعزيز السريع. وفي الوقت الذي اكتفى المشاركون بالكلام حول مفهوم المونودراما، بعيداً عن تداخلاتها النقدية والفنية الحداثية وما بعد الحداثية، التزم عبدالكريم جواد بورقة عمل مكتوبة، هي «المونودراما في المسرح الحديث: ما بين سيميولوجيا العقل الباطن وتفجر لغة السينوغرافيا»، كما التزمت المؤلفة ملحة عبدالله بكتابة ورقة عمل معدة لهذا الخصوص. فاستهلت ورقتها، التي حملت العنوان «المونودراما وأزمة المصطلح»، بالإشارة إلى عدد من الاجتهادات التي قدمها نقاد ومبدعون عرب وعالميون في سياق تحديد مصطلح «المونودراما» في الثقافتين العربية والغربية، ملاحظة حال الفوضى التي تتأرجح فيها المونودراما بين المسرح واللامسرح، وقالت «إن هذا الخلط في المصطلح أوجد مسخاً مشوهاً من فن المونودراما في الوطن العربي؛ حيث تبدو في أغلب الأحيان هذيانات أو مونولوجات أو خواطر لا تحتوي على الدراما، وهذا يرجع إلى تعويم المصطلح بشكل لا يحدد ملامح هذا الصنف من الإبداع». ثم إننا لم نجد في أي من هذه التعريفات هل المونودراما تراجيديا أم كوميديا، أم الاثنين معاً؟». وخلصت ملحة عبدالله إلى أن «المونودراما تكون مسرحية قصيرة يقدمها ممثل واحد يقوم بشخصية واحدة، تحاكي فعلاً مسرحياً تاماً، وتستخدم كل وسائل السرد، وتتصارع مع ذاتها أو مع الآخرين، وتستخدم الوسائل المساعدة في تزيين العمل المسرحي؛ ولذا كان تعريفي للمصطلح هو (المونودراما: محاكاة لفعل درامي محدد له طول معين لشخصية واحدة، يقدمها ممثل واحد، مستعرضاً أزمة الشخصية تجاه نفسها أو اتجاه الآخرين، من خلال المناجاة والجانبية والحوار مع شخصيات افتراضية، ومشفوعاً بألوان التزين الفني)». وبعد الندوة علقت الكاتبة ملحة عبدالله، أول امرأة عربية تفوز بهذه الجائزة العالمية، وأول كاتب مسرحي سعودي يحصل على الجائزة، بالقول إنها تعدّ هذا الفوز فوزاً للمسرح السعودي وللثقافة السعودية بشكل عام، ومن ثم لفضاءات الإبداع المسرحي العربي على وجه الإجمال، وذلك من وجهة نظرها كما قالت. وبصدد العرض، مسرحية العازفة التي نالت عنها الجائزة، أكدت ملحة عبدالله أنها تختلف مع ما قدمته لطيفة أحرار، الممثلة والمخرجة المغربية، بقدر ما هي متفقة مع حرية المخرج في تناول العرض من خلال النص الأدبي؛ وذلك لأن «المخرجة قامت بتطويع النص وفقاً لمدرسة تفكيكية بحكم مرجعيتها الأكاديمية والفنية والجمالية، ثم أعادت مونتاجه من وجهة نظرها الإخراجية، مع قيامها باستبعاد أجزاء من النص لتدعيم وجهة النظر هذه»، ورأت أن هذا الأمر مشروع تماماً في الإخراج، «رغم أن المسرحية قد أخذت منحنى آخر، جعل «عازفة» النص مختلفة تماماً عن «عازفة» العرض، كما أنها لم تستحضر أياً من الشخصيات الأخرى التي تتفجر من خلال الصراع الدرامي، ولم تستفد من الجماليات الخاصة بهذا الصراع، فلم تحدث تلك التفجيرات العنقودية الجمالية، كما لم تُترجم إلى أفعال». وأضافت «لقد بدت الشخصية في العرض هوجاء؛ لأن المبررات الدرامية والمحفزات على الفعل قد بُترت. من وجهة نظري أن لطيفة أحرار أصابت الجوهر شكلاً ومضموناً. فملحة عبدالله تطرح أنه لا غناء ولا استغناء في عالم المرأة عن الرجل، في حين تقوم لطيفة أحرار بالاستغناء عن الرجل تماماً».