فايع آل مشيرة عسيري أمام تلك الإشارة يتضجر.. ينظر لساعته الحديدية المجلجلة وكأنها تحمل جندلاً، أو حديداً.. تارةً يتأمل إشارة حمراء تنازعتها الرياح والمطر وحرارة الشمس فأضحت كومة من البلاستيك الأسود كي تغطي عينها الحمراء،.. حتى وكأنها نافذة أرشيف الأحوال في إحدى المحافظات المهملة، وقد اكتظت بهم فجوج المراجعين، وملفاتهم الخضراء.. تماماً كحال جمهور المنتخب السعودي الذي عجز منتخبهم عن تسجيل هدف قد يمنحهم بطاقة التأهل لتصفيات كأس العالم.. ومازالت صحيفة الأمس تحمل على غلافها «حافز»، ومازلتُ في لجَّة الزحام أتنفس ملفات وشروط «حافز» التعجيزية التي دعتني ذات مرة وعلى طريقة «مناحي» عزيزي حافز مع نفسك..!! هروبي هذا كاد يهرع خوفاً فوق هاوية فظننت أنها النهاية «نأسف لإزعاجكم نعمل لخدمتكم»، ومازال سائل يمد يده لكل العابرين والواقفين وطوابير من المخالفين «المجهولين»، ومازالت الدعوات تطاردك وكأنك في أحياء مكة حين يحل رمضان أو موسم الحج العظيم.. ومازلت أسأل: هل رأيتم مكافحة التسول، أو البعوض غير عجاج يكتمنا مع كل صباح، ويصبنا بالربو الشعبي، ومازالت أسراب الباعوض تمارس حقها في الانتشار والتوسع..؟! وصلتني رسالة طائشة تائهة فأقسمت لها أن أضمنها مقالي، تدرون ماذا تقول: «نحن في خدمتكم دائماً.. مع تحيات حماية المستهلك..!!». وفي خضم كثافة الفكر والبشر.. تسابقت السيارات في شباك العم «ساهر». القاهر الذي قهر كل الوساطات وحبات الخشوم.. عند أول انطلاقة سيل الانتظار أمام تلك الإشارة التي نسيت أن أقول لكم أصبحت عشاً دافئاً لطائر مهاجر.. قرر الرحيل لأن البيت آيل للسقوط.. فرفع صاحب البيت قضية بحجة عقد وبنود وقعت عليها.. عامل النظافة يلتقط بقايا زحام المدينة ليلاً.. وهو يداعب غربته مزاحاً.. خيط رفيع يلقي بعبوة فوق رأس ذاك العامل ليخبره بأن حيواناً ملطخاً بالدماء تحت قدمك.. ليهرب خوفاً كما هربت من الهاوية، ولكنه خائف من تفاقم إصابته كما تقول أنظمة الدفاع المدني.. شاحنة صغيرة قد اكتظت بالناس والحجارة تعصف بأحلام مدينة نائمة.. بقيت تلك الإشارة تنتظر معاملة رقم (1102) خلف زحمة معاملات موظف مهمل..؟! وشيء في نفسي قد نسيته.