أطلق ناشطون سودانيون دعواتٍ للخروج في تظاهرات حاشدة اليوم ترفع شعار «جمعة رد الاعتبار» اعتراضاً على ما اعتبروه قمعاً من السلطات للاحتجاجات الأخيرة ضد رفع الدعم عن بعض السلع، بينما هددت حركة العدل والمساواة بالتدخل العسكري في الخرطوم حال استمرت الانتهاكات من قِبَل النظام في وقتٍ أعلنت منظمة العفو الدولية أن عدد الذين سقطوا في الاحتجاجات الأخيرة بلغ مائتي قتيل. وفي حين واصل صحفيون إضرابهم عن العمل، ارتفعت موجة الاعتقالات والاستدعاءات للسياسيين والصحفيين، ورشحت أنباء انسحاب الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني من المشاركة في السلطة. ويستعد السودانيون اليوم للخروج في مظاهرات حاشدة باسم «جمعة رد الاعتبار» دعا إليها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تواصلت احتجاجات محدودة في السودان ونظمت بعض النساء من أسر الشهداء وناشطات في العمل العام وقفة أمام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة وحملن شعارات تطالب الرئيس عمر البشير بالرحيل. وبالتوازي مع هذه التحركات، هدد رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، بالتدخل العسكري في الخرطوم حال استمر النظام في ممارسة ما وصفه بالانتهاكات، وشدد على أن التظاهر حق مشروع كفله الدستور، متهما النظام بممارسة التعذيب والتعامل الوحشي مع المعتقلين. بدورها، أعلنت منظمة العفو الدولية أن قتلى احتجاجات السودان الأخيرة وصلوا حتى الآن إلى 200 شخص، وأوضحت المنظمة، في بيانٍ لها، أن كثيراً من المتظاهرين قضوا متأثرين بإصابات بالذخيرة الحية في الرأس والصدر. وكانت السلطات السودانية أعلنت مقتل 34 شخصاً فقط في التظاهرات التي اندلعت الإثنين قبل الماضي اعتراضاً على رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات، وهي أكبر احتجاجات تشهدها السودان منذ قدوم البشير إلى السلطة عام 1989. في سياقٍ متصل، أصدرت محكمة سودانية أحكاماً تراوحت بين السجن والجلد والغرامة على 45 متظاهراً تم توقيفهم خلال احتجاجات في مدينة ود مدني وسط البلاد، وبلغت مدة السجن شهرين، أما الجلد فتراوح بين عشرة و عشرين جلدة، بينما بلغ مقدار الغرامة ألف جنيه سوداني أي ما يعادل نحو مائة وخمسين دولاراً. وعلى صعيدٍ آخر، أبدى عضو اللجنة التنفيذية لشبكة الصحفيين السودانيين، عادل كلر، قلقاً شديداً تجاه الأنباء التي وردت عن مساءلة رؤساء التحرير من قِبَل السلطات الأمنية عن الصحفيين المضربين عن العمل، لكنه استدرك بقوله «لا نستغرب بدءاً مثل هذا النهج من قِبَل جهاز الدولة التنفيذي». وأضاف ل «الشرق» أن تلك الأجهزة ظلت تعمل لإجهاض جميع الحقوق الواردة في دستور السودان الانتقالي لسنة 2005، والمعنون بوثيقة الحقوق. واعتبر أن محاولة الضغط على رؤساء التحرير للكشف عن أسماء الصحفيين المضربين تفتقر إلى السند القانوني والدستوري، مشيراً إلى أنها تؤكد على مدى تدهور هامش الحريات داخل السودان وعلى رأسها حرية الصحافة والتعبير. ويواجه الصحفيون مضايقات من قِبَل السلطات الأمنية، واستدعت سلطات الأمن مراسل صحيفة «الشرق الأوسط» في الخرطوم أحمد يونس، والصحفية في صحيفة «الأيام» سمية المطبعجي، بينما لا تزال الصحفية أمل هباني قيد الاعتقال، فيما مُنِعَ من ممارسة الكتابة حيدر المكاشفي، الطاهرساتي، عثمان شبونة، صلاح عووضة وزهير السراج. وفي سياقٍ ذي صلة، يدرس الحزب الاتحادي الديمقراطي قراراً بالانسحاب من الحكومة احتجاجاً على ما سماه عنف السلطات المفرط في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية. وقال الناطق الرسمي باسم الحزب بالإنابة، محمد سيد أحمد سر الختم، إن زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني كلّف لجنة من 21 قيادياً، ضمت وزراء الحزب في الحكومة وأعضاء في هيئة القيادة، اتخذت قراراً بالإجماع الانسحاب على خلفية القمع الذي واجهت به السلطات التظاهرات الشعبية. وأفاد سر الختم في تصريحاتٍ له بأن القرار نهائي ولا رجعة فيه، مؤكداً أن الحزب سيوجّه قواعده للانخراط في مساعي الإطاحة بنظام البشير. غير أن مراقبين توقعوا أن يسعى الرئيس مع الميرغني لتعطيل القرار، ووصفوه بأنه ليس إلا قنبلة دخانية رمى بها الحزب على المشهد السياسي السوداني الملتبس أصلاً. من جانبه، اتهم الحزب الشيوعي السوداني في بيانٍ له أمس المؤتمر الوطني الحاكم بتنفيذ عمليات الحرق والتخريب التي صاحبت الاحتجاجات عبر ميليشياته. واعتبر أنه نفس الأسلوب الذي اتبعه الحزب الحاكم في دارفور، ورأى أن تلك الأفعال لن تقود إلى قمع الانتفاضة بل ستقود إلى الإضراب السياسي والعصيان المدني لإسقاط النظام. وفي القاهرة، نفذ ناشطون وقفة احتجاجية ضد النظام في الخرطوم أمام سفارة السودان في القاهرة، ورفع المتظاهرون خلال وقفتهم لافتات مكتوب عليها «ثورتنا من أجل كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية ووطن يسمع الجميع» و«سلمية سلمية».