الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، اليوم، أمام مفترق طرق، فهي أمام أول عملية فساد تعلن عنها، وأمام أول اختبار لإثبات الذات وفرض الهيبة أمام المواطن قبل المسؤول. ما تفجر مؤخرا من تجاذبات، بيان، ورد على البيان، وبيان آخر فند البيان، كلها ليست في صالح هذه الجهة الحكومية التي اعتقدت أن هيئة مكافحة الفساد مناوئة لا معينة لها على كشف الخلل والفساد وتطوير الأداء والإنتاجية.لقد كشفت ردود الفعل الأخيرة، وآخرها تفنيد الهيئة ما ورد في بيان الوزارة المعنية بالاختلاس، عن قصر نظر شديد في تلكم الوزارة، على الرغم من أن تصحيح النظر أحد مهامها، فأول ما يفهم من رد الوزارة أنها جعلت من الهيئة غريما لها، بدل أن تكونا كلتاهما مكملتين لبعضهما، وتتعاونا لكشف الاختلاس والفساد. لقد استعجلت الوزارة كثيرا، وفهم من ردها أنها تريد أن تقول للهيئة: إننا نحن من كشف الاختلاس وليس أنتم! هل يعيب الوزارة أن تكشف الهيئة جريمة الاختلاس؟ هذا هو واجب الهيئة ومهمتها الأولى.وهناك فريقان يراقبان الموقف بحذر شديد، مواطن يراقب مؤملا أن يرى هيئة قوية على قدر المسؤولية، وسلطتها فوق الجميع، ووزارات أخرى تنتظر دورها، وأكاد أجزم أن فيها من بدأ في تناول ملفات اختلاس وفساد ينفض عنها الغبار محاولا درء ما يمكن أن تكشفه الهيئة عندما تطرق باب وزارته. ختاما: هيئة مكافحة الفساد أمام اختبار مهم لفرض هيبتها أمام الجميع، فإما أن تكون على حق وينتصر النظام لها، أو يوقفها عند حدها! وحينها قل على مكافحة الفساد: السلام.