قُتِلَ ستة عناصر أمنٍ أكراد في تفجيراتٍ انتحارية أمس الأحد استهدفت مقراً أمنياً رئيساً وسط مدينة أربيل شمال العراق، في هجومٍ نادر في الإقليم الكردي المستقر عادةً، ولم تستبعد الحكومة العراقية أن يكون مرتبطاً بالأحداث السورية. وقال مسؤول أمني كردي رفيع المستوى، رفض الكشف عن هويته، إن هجوماً بسيارة مفخخة استهدف مبنى مديرية الأمن التابعة لقوات «الأسايش» عند الساعة ال 13.30 بالتوقيت المحلي (10.30 بتوقيت غرينتش)، مضيفاً «نعتقد أن انتحاريين كانوا في السيارة». وفي وقتٍ لاحق، أكد المسؤول نفسه أن انتحارياً كان يقود السيارة المفخخة، بينما ذكر مسؤول أمني آخر أن سيارة إسعاف مفخخة استهدفت عناصر الأمن الذين تجمعوا في موقع الهجوم بعد الانفجار الأول. بدوره، أعلن محافظ أربيل، نوزاد هادي، أن أربعة عناصر أمن أكراداً قُتِلُوا في هذا الهجوم الدامي، قبل أن يفيد وزير الصحة في الإقليم، ريوكت محمد رشيد، بارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم إلى ستة قتلى من عناصر الأمن و39 جريحاً. وذكر بيانٌ صادر عن «الأسايش»، الشرطة الكردية، أن أربعة انتحاريين حاولوا دخول مبنى المديرية عقب التفجير الأول، غير أنه «تم التصدي لهم وقتلهم، وبعد دقائق جاءت سيارة إسعاف وحاولت اقتحام المبنى لكن عند توقيفها عند المدخل الرئيس قام انتحاري بتفجير نفسه في السيارة». في الوقت نفسه، أفاد مراسل فرانس برس في المكان بأنه سمع دوي ثلاثة انفجارات على الأقل، بينها انفجاران قويان، وأصوات إطلاق نار كثيف في موقع الهجوم الذي تصاعدت منه أعمدة دخان. وأغلقت قوات الأمن الكردية الطرق المؤدية إلى المكان الذي توافدت إليه سيارات الإسعاف. وقال فرحان صمد كامل (24 عاماً)، أحد عناصر «الأسايش» الذي فقد اثنين من أصابع يده اليمنى في مستشفى أربيل، «كنا داخل بناية في مقر الأسايش عندما وقع انفجار كبير جداً، ولما حاولنا الخروج وقع إطلاق نار وزحام كبير»، وتابع «بعدها بوقت قصير وقع انفجار كبير آخر، وهذا كل ما أتذكره». وهذا أول هجوم من نوعه يستهدف عاصمة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي وباستقرار أمني، منذ مايو 2007 حين استهدفت شاحنة مفخخة المقر نفسه في هجوم قُتِلَ فيه 14 شخصاً. من جانبه، دان المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، علي الموسوي، الهجوم بشدة واعتبر أنه يؤكد أن الإرهاب لا يتقيَّد بساحة معينَّة، إنما يستهدف الجميع، مشدداً على أن «التعاون موجود ويجب أن يتعزز أكثر لمواجهة الإرهاب». وأضاف «سوريا أثرت علينا جميعاً وليس ببعيد أن يكون الهجوم أحد شظايا الأزمة السورية، ونحن ندعو لحل سياسي في أقرب وقت ووقف تدفق الأسلحة التي بدأت تشكل خطراً على الدول المحيطة والمجاورة لسوريا». من جهته، رأى المحلل الأمني العراقي، علي الحيدري، أن الهجوم «مرتبط بخلاف الأكراد مع جبهة النصرة في سوريا». وقال «هناك معارك بين الأكراد وجبهة النصرة، والجبهة هجَّرت الأكراد من أراضيهم وهي تنتمي إلى تنظيم القاعدة، واليوم تنتقم من الأكراد داخل أراضيهم» في إقليم كردستان. وكان رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، هدَّد في وقتٍ سابق بالتدخل للدفاع عن أكراد سوريا في حال ثبوت تعرضهم للقتل على أيدي الجماعات «الإرهابية» في سوريا. وأوضح بارزاني «إذا ظهر أن المواطنين، ونساء وأطفال الكرد الأبرياء هم تحت تهديد القتل والإرهاب، فإن إقليم كردستان العراق سيسخِّر كل إمكاناته للدفاع عن النساء والأطفال والمواطنين الأبرياء الكرد في كردستان الغربية» في سوريا. ودارت في الفترة الماضية اشتباكات عنيفة بين مجموعات متشددة وأكراد في مناطق واسعة من شمال سوريا، حيث تمكن الأكراد الذين أعلنوا «النفير العام» من طرد المقاتلين المتشددين من عددٍ من المناطق، أبرزها مدينة رأس العين. ووقع الهجوم في أربيل بعد يوم من إعلان نتائج انتخابات البرلمان المحلي في الإقليم عقب فرز 95 % من الأصوات، التي فاز حزب رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، بأكبر عدد من الأصوات فيها. وحلت حركة التغيير «غوران» خلفه متفوقة للمرة الأولى على حزب الرئيس العراقي، جلال طالباني، الذي يتلقى العلاج في ألمانيا من جلطة دماغية أصيب بها نهاية العام الماضي.