تصوير: مهدى الحبيل لكل مصور أشياؤه الخاصة التي لا تخطئها العين، تزدحم ألبوماته بالصور، وتبقى هذه الأشياء المميزة كالبوصلة ترشدنا إلى حيث تندس أصابع المصور لتمنح الصورة فرديتها في هذا التدفق البصري. وفي تجربة المصور الراحل مهدي الحبيل يتجلى اللون كعنوان للاحتفاء البصري الذي يحيل كل إغماضة عين إلى بهجة لونية، يأخذنا في كثير من صوره إلى مزيج لوني مطرز بانعكاسات الضوء، ليصبح هذا المزيج طريقنا إلى معنى الصورة وجمالياتها. حتى أفعال التأطير تبدو منحازة لإنجاز هذه الكثافة اللونية التي تنتظم عبرها الصورة. هكذا يسافر مهدي عبر الألوان، يقترب منها بكثير من التعانق الحميم، بمثل ما يعانق الطبيعة في تجاربه المكتظة بأحوال هذا النمط من التصوير، من المناظر الطبيعة إلى تصوير الزهور في تجارب المايكرو، لا يعبأ بشيء خارج مرايا اللون إلا بريق التفاصيل التي يدس إليها بعض الضوء لتنضج في مشهد الصورة عبر رومانسية ماثلة حتى في اختيار مواضيعه. المصور وريث الرسام هنا، وهو يوغل في اكتشاف أسرار اللون، يلون بها أحاسيسه حين يختار إشباعها بألوان باذخة، لتؤكد لنا في كل مرة أن بهجة الألوان هي الدليل إلى فضاء الحبيل وانشغالاته الفنية، وهي العمق الذي حمله لاحقاً لاكتشاف عمق البياض والسواد في الصور الأحادية، دون أن يغادر لعبه الجمالي على اللون كحافة للإبداع. *كاتب وناقد سعودي