يصل رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت إلى العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الثلاثاء، على رأس وفد رفيع المستوى، تلبية لدعوة الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وسط توقعات بفشل الرئيسين في التوصل لاتفاق حول مجمل القضايا العالقة بين السودانين. لكن الخرطوم أعربت عن أملها في أن تؤدي زيارة سلفاكير إلى تسريع خطى تنفيذ اتفاقيات التعاون، ومعالجة القضايا العالقة، بما يؤسس لعلاقة استراتيجية بين البلدين، تساهم في تحقيق الاستقرار لشعبيهما. وأنهى السودان وجنوب السودان توترات مسلحة في منطقة جودة الفخار نهاية الأسبوع الماضي، لكنهما يعانيان من بطء تنفيذ ترسيم الحدود. وتعتبر زيارة سلفاكير للخرطوم هي الثانية له منذ انفصال جنوب السودان. ورحبت وزارة الخارجية السودانية في بيان أمس، بالزيارة آملة أن تؤدي إلى تسريع خطى تنفيذ اتفاقيات التعاون بين البلدين ومعالجة القضايا العالقة بينهما، بما يؤسس لعلاقة استراتيجية راسخة ، تساهم في تحقيق الاستقرار والرفاهية للشعبين وكل شعوب المنطقة. وأوضحت الخارجية أن وفد سلفاكير يضم كلاً من وزراء الخارجية، التعاون الدولي، الداخلية، الأمن، ووزير النفط والمعادن والصناعة إضافة لنائب وزير المالية والتجارة والاستثمار وعدد من رجال الأعمال ومسؤولين آخرين، وكشف البيان عن وصول وفد مقدمة يترأسه وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي السفير شارلس ماينانق. بدوره أوضح سفير جنوب السودان بالخرطوم ميان دوت ل «الشرق» أن القمة بين الرئيسين ستناقش تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين ومجمل القضايا العالقة مثل النفط والقضايا الاقتصادية بالإضافة إلى قضية منطقة (أبيي) المتنازع عليها بين البلدين، وقال إن البلدين عازمان على إنهاء الخلافات بينهما. من جانبه توقع المحلل السياسي بابكر التجاني، أن تجد زيارة سلفاكير اهتماما كبيرا من قبل الخرطوم وأن وصول وفد المقدمة يعني أن هناك ترتيبا سلسا للأجندات المطروحة بين الرئيسين. وقال التجاني ل «الشرق»: كل المؤشرات تقول إن كير والبشير سيصلان إلى نتائج لإنقاذ اقتصاد بلديهما وتجنب معدلات التضخم العالية وتقليل الانفاق على التوترات الأمنية. بدوره توقع المتحدث باسم المعارضة السودانية كمال عمر فشل قمة الرئيسين في التوصل لاتفاق حول مجمل القضايا العالقة بين البلدين، وقال في حديث ل «الشرق»: إن الرئيسين درجا على التوصل لنتائج في لقاءاتهما المتكررة لكنهما دائما مايفشلان في تنفيذها على أرض الواقع. في السياق نفسه رهن حزب الأمة القومي المعارض إصلاح العلاقات بين السودان ودولة الجنوب بخروجها من عباءة الحزبين الحاكمين في الخرطوموجوبا (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، وأشار إلى أن المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية والإقليمية هي أكثر قدرة على استيعاب مصالح الدولتين وشعوبهما من الاتفاقيات الحزبية السائدة في الوقت الراهن. وأعرب أمين العلاقات الخارجية لحزب الأمة القومي السفير نجيب الخير عبدالوهاب في حديث ل «الشرق» عن أمله أن تكون وزارتا الخارجية في الدولتين هما الأجدر برعاية المصالح المشتركة أسوة بإدارة علاقات السودان مع كل دول الجوار، وأضاف: آمل أن تكون زيارة رئيس دولة الجنوب المرتقبة للخرطوم مناسبة للتفكير الجاد في إطفاء الطابع القومي على العلاقات بين الدولتين. وأوضح أن التمثيل البلوماسي المعتمد على المهنية والكفاءة والقومية هو الأفضل لتمثيل السودان مع دولة الجنوب بالمقارنة مع التمثيل الراهن ذي الطابع الحزبي الذي تعوقه الشكوك والريبة وضعف الثقة المستمد من سجل علاقات الماضي بين الحزبين. أما الصحفي والمحلل السياسي عبدالماجد عبدالحميد فرأى أن زيارة الرئيس الجنوبي هذه المرة مختلفة عن سابقتها، وقال ل «الشرق» إن سلفاكير يزور الخرطوم وقد تحلل من ضغوط مَن وصفهم ب «صقور» الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في دولة الجنوب ، واعتبر أن سلفاكير حضر إلى الخرطوم لطي ملفات كثيرة أهمها ملف المناطق الحدودية، وأضاف أن الحركة تحتاج لتفاهم مع الشمال يقيها شر تجدد صراع أنبوب النفط. كما أن الخرطوم تريد التزاماً يمسك عنها شرور الاختراقات الأمنية، وأكد أن الزيارة ليست لطي ملف النفط فقط، بل ولبحث كل الملفات العالقة، ولو على عجل. وأعلنت جوبا قبل أسبوعين عن تنظيمها استفتاءً لتحديد تبعية منطقة أبيي أكتوبر المقبل، وهو ما ترفضه الخرطوم وتقول إنه لا يوجد اتفاق بين الطرفين لتنفيذه. وكان من المفترض أن يُجرَى استفتاء لسكان أبيي بالتزامن مع استفتاء الجنوب يناير 2011، إلا أن الاختلاف حول أهلية الناخب عطَّل الخطوة، حيث يتمسك الشمال بمشاركة قبائل المسيرية البالغ عددهم حوالي 450 ألف مواطن في الاستفتاء، بينما يطالب الجنوب بأن يقتصر التصويت على قبيلة دينكا نقوك المتحالفة معه ويقدر عدد أفرادها بحوالي 200 ألف مواطن. ولم يستبعد عبدالماجد أن يتوصل الطرفان لاتفاق حول قضية أبيي، واعتبر أن المناخ مهيأ لذلك، لكنه استدرك بقوله إن كل الاحتمالات واردة. متطوعون يحملون صناديق إغاثة للمناطق المغمورة في أروما وكسلا وشرق السودان (أ ف ب)