تعود فكرة إقامة مشروع المكتبة العامة لمدينة جدة إلى الثمانينيات الميلادية، وكان بيت التجارة لغرفة جدة، قد تحمس لهذه الفكرة، والشاعر عبدالله الخشرمي، وكان رئيسا لتحرير مجلة تجارة جدة، تولى التنسيق لهذا المشروع. وكنت في ذلك الوقت أمين سر النادي الأدبي في جدة، وجرى التنسيق معي ليرى مشروع المكتبة النور، وتم اختيار الأرض المقابلة للسفارة الأمريكية في منطقة الحمراء في شارع فلسطين، ليقام عليها مبنى مكتبة جدة العامة، وفجأة، دب الفتور في المتحمسين، وبدا أن هناك عوائق منها تخصيص تلك الأرض للمكتبة، وكنا كمثقفين نشعر بالألم كلما جاء ذكر ذلك المشروع الحيوي الذي هو بمنزلة المعلم الثقافي المهم لجدة، وبعد سنوات تم إحياء المشروع، وتسارعت الخطوات، وتم جمع التبرعات، وبسرعة فائقة أنشئت المكتبة في حرم جامعة الملك عبدالعزيز قرب مدخل المركز الطبي على طريق الأمير ماجد. وبعد الانتهاء من بناء المكتبة وتجهيزها، تركت سنوات دون التفكير في تشغيلها وتفعيل كيانها لتكون مرفقا ثقافيا للمعرفة والثقافة لمدينة جدة، فتفتح أبوابها للباحثين والمثقفين. ولكن الانتظار طال.. وسمعنا أن وزارة الثقافة والإعلام بدأت العمل بتزويد المكتبة بأوعية المعلومات والمصادر العلمية والثقافية، والتنسيق مع الجهات المعنية، وتم اختيار الكوادر المتخصصة لإدارة هذا الصرح الحضاري الذي طال انتظارنا له. قبل رمضان قام معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة بزيارة مقر مكتبة جدة بالسليمانية، ووقف شخصيا على الترتيبات النهائية لتجهيزاتها تمهيدا لافتتاحها رسميا، وقيل -وقتها- إن الوزارة أعدت برنامجا ثقافيا متميزا يتضمن عدة نشاطات للموسم السياحي الصيفي لمدينة جدة هذا العام، وفي الصيف ضيعت اللبن، مكتبة جدة تضم عدة أقسام أهمها مركز المعلومات وقاعات القراءة السمعية والبصرية، تتوفر فيها كل وسائل التقنيات الحديثة للاطلاع على الوثائق والمخطوطات، والكتب النادرة، وقاعة لمكتبة الطفل والألعاب الإلكترونية والإنترنت كما تتضمن المكتبة قسما فنيا يتولى ترميم الكتب وفهرستها بما في ذلك التسجيل الآلي والتصنيف. وتضم قاعة المراجع العامة أمهات الكتب والمصادر العلمية، كما توجد قاعة للمحاضرات ومسرح خُصص لإقامة الفعاليات الثقافية التي تنظمها المكتبة، وعينت الوزارة مشرفا عاما للمكتبة هو الأستاذ فيصل مرغلاني الذي يتولى الإشراف على المكتبات العامة بالوزارة، والأستاذ عزت مراد مديرا للمكتبة. وحين تمنى معالي الدكتور الخوجة، أن يكون للمكتبة دورها، مشيدا بجهود المسؤولين عنها، تمنينا أن نشيد بما وعدوا بإنجازه، حين تكون المكتبة جاهزة للاستفادة منها ومن نشاطاتها المعرفية والثقافية، من خلال برنامجها الصيفي، الذي وعدنا به مع بداية صيف هذا الشهر. وقد أعلن أن افتتاح المكتبة سيكون قريبا، بنشاط ثقافي صيفي حافل يتضمن معارض مصغرة للكتاب والنشاطات الثقافية، كالمحاضرات والندوات والأمسيات، التي ستقام على مسرح المكتبة أو في المراكز التجارية التي تنشط فيها فعاليات الترويج السياحي في صيف كل عام في عروس البحر. بعد أن أخذت جدة تكشف عن وجه جديد بمشاريع متكاملة، يأمل المثقفون في الثغر الجميل، أن يشهدوا مزيدا من المشاريع الثقافية التي تميزها كالمقاهي الثقافية والمراكز الثقافية التي تضم المسرح والسينما والمكتبة المركزية.