عماد أحمد العالم في لبنان بالذات لا أرى فرقاً بين الاغتيالات السياسية أو التفجيرات، فكلاهما تعوَّد عليه الشعب اللبناني على امتداد خمسة وعشرين عاماً الماضية، شردت وقتلت وهجرت وأصابت ثلث السكان.. لكن ما بدأ ينساه مواطنوهم هو حالة القتل اليومي على الهوية، التي صاحبت تاريخهم الحديث وأنهاها اتفاق الطائف، وعدم تهميش أو سلب حقوق أي طرف على حساب الآخر، في إنجازٍ أسهم في وقف حمام الدم الذي سال طويلاً، وكرَّس لمرحلة توافقية جديدة بدا اللبنانيون من خلالها أكثر قدرة على التعايش مع بعضهم. سنوات الهدوء على اللبنانيين تناوبت ما بين هدوءٍ حذر وعودةٍ متواترة لمسلسل الاغتيالات، التي استهدفت معارضين ومؤيدين ما جمعهم سويةً هو الكره لسوريا أو الموالاة لها، وإن كان أغلب من طالتهم هو الفريق المُعادي للجار الذي ألفت أجهزة مخابراته أن ترتع في الأرض اللبنانية. التفجيران الأخيران اللذان ضرب أحدهما معقلاً لحزب الله في الضاحية الجنوبية، وجاء رداً «على حسب قول منفذيه» على وقوف حزب الله إلى جانب النظام السوري، وتنفيذه الأجندة الإيرانية في تجاهلٍ تام لادعاءاته السابقة بحماية الجنوب، ليشترك بدلاً عن ذلك وعلناً في حرب طائفية تُشعل المنطقة. تفجيرا طرابلس المتزامنان، اللذان سارع بعضهم لتفسيرهما بالانتقام، يجب أن لا يخرجا من سياقهما الطرابلسي، فالمدينة اللبنانية المتأزمة التي تشهد على الدوام اشتباكات بين طرفي جبل محسن وسكانه من الطائفة العلوية وباب التبانة ذي الغالبية السنية منذ الحرب الأهلية اللبنانية ولأسباب سياسية طائفية أريد لها أن تكون دوماً حجر عثرة في استقرار ثاني المدن اللبنانية حجماً، فيما سعت سوريا طوال فترت وجودها في لبنان إلى زرع أتباع لها من الطائفة العلوية في المدينة، وتكفَّل حزب الله بتسليحهم ليكونوا بوابته الأمامية في فرض سياساته وأجنداته وإحكام وجوده، وما الاضطرابات التي تحدث على فترات متقطعة إلا محاولة يسعى من خلالها كل طرف لإثبات وجوده وفرض سطوته التي تقبع خلفها قوى أخرى هي من تشجِّع على إشعال الموقف، وبيدها اللعبة الطائفية التي كانت سبباً في انقسام اللبنانيين سابقاً، وستكون دوماً طالما الجيش اللبناني مُغيب ومُحايد، وموقفه يقتصر على فك الاشتباك دون المعاقبة، وغير قادر على أن يكون فقط هو الحامل الشرعي للسلاح، الذي تضاهي تجهيزاته لدى حزب الله ما لدى الدولة من ترسانة عسكرية، حصل ومازال عبر الإمدادات الإيرانية والسورية، لتُسهم في إيجاد الفجوة الأمنية وإنشاء مراكز قوى لأفراد وطوائف وتكتلات على حساب عامة الشعب، الذي بات مُحزَّباً وولاؤه مع الأسف لرئيس الحزب أو الطائفة بدلاً من أن يكون للوطن.