إذا كنت تشعر أنك غير سعيد في حياتك، فالسبب في ذلك لا يخرج عن أحد أمرين: إما أن طعامك غير مناسب لجسدك وغير صحي، وإما أن عقلك يتغذى بأفكار غير جيدة وقناعات تحتاج للتغيير. تحدثت في الأسبوع الماضي عن تشاؤم العالم اليوم وكآبته وأن هذا البؤس قد أصبح ظاهرة عالمية. وقلت إنه لا يمكن لإنسان أن يساعدك في قلب المعادلة والتحول للحياة السعيدة، إذا كنت لا تريد، إذا كنت لا ترغب في التغيير، إذا كنت كسولاً أو مهزوماً أو تخاف من التغيير. نعم، هناك من يفضل البقاء في عش التعاسة على محاولة الطيران. على كل حال، فالخطوة الأولى تبدأ منك في أي اتجاه تريد أن تسير فيه. قد يبدو لنا العالم في أحيان قاتماً سوداوياً، لكن هذا المشهد ليس سوى لحظة من لحظات وعينا. هذا الوعي المتغير المتطور دائماً. هل يتطور بالضرورة للأحسن والأجمل؟ الجواب هو: لا. قد يتطور لما هو أسوأ بكثير، فالأمر يعتمد عليك بصورة كبيرة وكيف ترى الأشياء. المهم أن تدرك فضيلة الحركة. وأن تدرك حجم كارثية الجمود. إذا غيرت نظرتك للأشياء فحتما ستتغير فعلا تلك الأشياء. يمر بحياتنا أشخاص فنلمح عيباً فيهم، ثم نسارع لاستدعاء ذلك العيب من ذاكرتنا كلما لقيناهم في المستقبل، فيبقون بذلك حبيسين لتلك الصورة النمطية التي حبسناهم فيها، وبذلك نكون قد خسرناهم إلى الأبد. هذا ينطبق على الأفكار، وعلى كل شيء في حياتنا تقريباً. ولك أن تتخيل كم هي الأشياء التي خسرتها بسبب هذا التنميط العجل. وإذا كانت السعادة هي غاية الإنسان فلابد للمتشائم والبائس الذي يريد أن يصل إليها ألا يضع الحياة في قالب جامد بسيط في تفاصيله وأحكامه، فالسعادة غاية عظمى تستحق كثيرا من التعب للوصول إليها إن كان ذلك يحتاج إلى التعب. رغم أن الأمر أبسط من ذلك بكثير. بل هو أشبه بالإبل الشاردة في صحراء التيه، يقتلها الظمأ والماء في المزاود محمول على ظهورها لكنها لا تستطيع أن تصل إليه. غير نظرتك للأشياء تتغير الأشياء، إنها فلسفة بسيطة جدا لا تشبه فلسفة هيجل في تعقيدها، لكنها تستطيع أن تحقق لك ما لم يحققه هيجل : السعادة. وإذا كان وليام جايمس ( أحد أهم فلاسفة القرن العشرين ) يرى أن كل مذاهب الفلاسفة ومناهجهم، منذ أيام الإغريق الأوائل وحتى زمنه، ليست سوى صراع أمزجة. مجرد حوار مستمر بين العقول عبر التاريخ الطويل. وأن هذا الحوار لم يصل لنتائج حاسمة كتلك التي نراها في مباريات الكرة عندما تنتهي المباراة بخروج المغلوب. لم يخرج أحد رغم التناقض التام في المذاهب والمناهج. فاختر أنت الإيمان والإيجابية والتفاؤل والرضا. وإذا كنت تريد أن تعيش سعيداً فاحرص ألا تبقى حبيساً في كهف، احرص دائماً على البحث والرصد والتعلم، ووضع ما تتعلمه في فحص مستمر وتدقيق واختبار مصداقية، ولا تنس أن الله مصدر الخير كله فاسأله الهداية دوماً.