المنتخب السعودي يشارك في نسختي 2025 و 2027 من بطولة كأس كونكاكاف الذهبية    "رينارد" يستبعد "الخيبري" من قائمة الأخضر .. قبل انطلاق خليجي 26    "بن محفوظ": مبادرة لتأسيس مدن غذائية ذكية بالمناطق الحدودية بين السعودية واليمن    جهود العلماء السعوديين في خدمة اللغة العربية.. ندوة في «كتاب جدة»    "الاتحاد" يصل إلى صلالة .. تحضيراً لمواجهة النصر العماني    بمشاركة أكثر من 1300 متسابق .. "هيا نمشي معاً 2024" على كورنيش الراكة بالخبر    ضبط (4) مواطنين اتخذوا منزلًا في الخرج وكرًا لترويج الحشيش والإمفيتامين    «كاسبرسكي» تتوقع نمواً سنوياً متوسطاً بنسبة 23% في السعودية بفضل خبرتها المحلية على مدى 17 عاماً    تنفيذ حكم القتل تعزيراً في عدد من الجناة بمنطقة الجوف    825 ألف جنيه استرليني من وولفرهامبتون إلى الشباب    الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة الشرقية يكرم المتطوعين المتميزين في عام 2024م    أنشيلوتي: أظهرنا شخصية ريال مدريد أمام باتشوكا في نهائي كأس القارات    ركن متحف الشاعري يجذب الزوار في مهرجان الحنيذ الأول بمحايل    الشرع: سورية منهكة ولا تمثل تهديداً لأحد    العالمي يزيد الراجحي يسعى لتحقيق لقب بطولة السعودية تويوتا في رالي جدة للمرة الرابعة    طارق السعيد يكتب.. السعودية أرض الحلم واستضافة كأس العالم    استشهاد أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال نتيجة التعذيب    رئيس مجلس الشورى يلتقي رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني    فيصل بن مشعل يستقبل العميد العبداللطيف بمناسبة تكليفه مديرا لمرور القصيم    آل سيف تدفئ شتاء أدبي جازان ب«رسائل متأخرة»    محافظ الطائف يلتقي رئيس وأعضاء جمعية ساعد للبحث والإنقاذ    أمير القصيم يرعى ورشة عمل إطلاق التقرير الطوعي لأهداف التنمية المستدامة في بريدة    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    وزير العدل يوجه بتدشين مقر دوائر دعاوى الأخطاء المهنية الصحية بالمحكمة العامة بالرياض    استشارية نمو وسلوك: الدليل الإرشادي "الحياة مهارة" يعزز السلامة والصلابة النفسية للأطفال    الذهب يتعافى من أدنى مستوى في شهر بعد قلق تباطؤ خفض الفائدة في 2025    وزارة الداخلية تحتفي بيوم الشرطة العربية بعرض عسكري في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل    «التجارة» تضبط 6 أطنان مواد غذائية منتهية الصلاحية بمستودع في جدة    «زِد» الملقبة "شوبيفاي العالم العربي" تكشف عن رؤية 'التجارة المتكاملة" المبتكرة لتمكين قطاع التجزئة في حدث إطلاق منتجاتها السنوي 'ريبل 2024'    محافظ بدر الجنوب يستقبل مدير عام فرع الأمر بالمعروف    مركز صحي نشيان بقطاع النماص الصحي يُنفّذ "التوعية بداء السكري"    «الإحصاء»: 97.4 % من سكان المملكة قيموا حالتهم الصحية بشكل جيد وأعلى    المياه الوطنية توضح لعملائها مزايا وآلية توثيق عدادات المياه    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    "عِلم" تختم مشاركتها في مؤتمر "سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية"    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة    النائب العام يفتتح أعمال الاجتماع السنوي الرابع لجمعية النواب العموم العرب في نيوم    هل يعيد ملتقى ImpaQ تعريف مفهوم المؤثرين كقوة دافعة للتغيير ؟    نور الرياض يستقطب أكثر من ثلاثة ملايين زائر    أنشطة ترفيهية    شتاء طنطورة.. أجواء تنبض بالحياة    الأهلي يستعيد كيسيه أمام الشباب    التويجري: طورنا منظومتنا التشريعية في ضوء مبادئنا وأولياتنا الوطنية    عريان.. من تغطّى بإيران    وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    مطعم يطبخ البرغر بنفس الزيت منذ 100عام    5 أطعمة تمنع تراكم الحديد في الدماغ    آمال جديدة لعلاج مرض الروماتيزم بمؤتمر طبي    مركبة ال (72) عامًا بجناح حرس الحدود في (واحة الأمن) .. أول دورية برية ساحلية    الإقليم بعد سوريا.. سمك لبن تمر هندي!    ضغوط الحياة.. عدو خفي أم فرصة للتحوّل؟    هل تنجح سوريا في مواجهة التحديات الهائلة    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "الحفاظ على مقدرات الوطن والمرافق العامة من أهم عوامل تعزيز اللحمة الوطنية"    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    جمعية رتل بنجران تطلق التصفيات الاولية لجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز    الأمير تركي الفيصل يفتتح مبنى كلية الطب بجامعة الفيصل بتكلفة 160 مليون ريال    محافظ محايل يلتقي مدير المرور الجديد    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس الأمر كما تعتقد
ايقاع الحرف
نشر في الرياض يوم 25 - 06 - 2009

إذا اعتقد المرء عقيدة معينة ثم تصرّف وفقًا لها، فإنه يرى في ذلك التصرّف مثالا للحكمة. ويصفه الناس بأنه حكيم حينما يتصرّف بالقول أو بالفعل لأمر يثبت المستقبل صحّته، مما يعني أنه يملك مهارة "فهم الحياة". هذا في الثقافة العربية، أما في الثقافة المسيحية، فإن الحكمة تعرّف بأنها المكون المتمم للإيمان عن طريق الفعل والبصيرة. ويوصف الفرد بأنه حكيم إذا صدّق الأشياء "الصحيحة"، وقام بما هو "صواب"، وامتلك ملكة تمييز ماهو "حق".
والمعنى المسيحي مأخوذ من الأرثوذكسية Orthodoxy التي تعني حرفيًا "المعتقد الصحيح" وتعني Orthopaxy "العمل الصالح". والحكمة تتألف من التمييز بين Orthodoxy وOrthopaxy، أي بين ما يجب تصديقه وما يجب فعله.
ولأن الحكمة رؤية ذاتية للعالم، فإنها تعبر بالضرورة عن عقيدة الفرد والجماعة ضمن مجموعة القيم الثقافية الأخرى. ومن المهم التعرّف على حكمة الشعوب في تحديد ماهو "صحيح"، وتمييز ماهو "صواب"، ومعرفة "الحق" في سبيل فهم ماوراء ذلك من سلوك وأنماط تفكير.
تؤكد الأدبيات التقليدية على أن الحكمة شيء عظيم، وتحاول الثقافات تنمية الولع بها. فيعدّها أفلاطون مثلا من الفضائل الأساسية التي تضم العدل والشجاعة، ويرى أرسطو أنها تلقيح الأفهام ونتاج الأذهان وهي رأس العلم والفن والأخلاق. وعرّفها هيغل بتفصيل قال فيه: "الحكمة أعلى المراتب التي يمكن أن يتوصل إليها الإنسان؛ فبعد أن تكتمل المعرفة ويصل التاريخ إلى قمته تحصل الحكمة. والحكيم أعلى شأنًا من الفيلسوف، لأن الحكمة هي المرحلة التالية والأخيرة بعد الفلسفة". وفي ثقافتنا "الحكمة ضالة المؤمن"، وقارنها كتاب "سفر الأمثال" الإنجليزي، بالعسل، وفي خزانة الأمثال الفارسية، فإن معرفة الحكمة مربوطة بالثواب لمن يدركها والرجاء الذي لا يخيب.
ولكن، على الرغم من كل ما تبشّر به الحكمة، فإن بعض الناس لا يميلون إليها بطبيعة الحال، مفضلين عليها "الوجبات السريعة". إنه لأمر صعب أن تمتحن افتراضاتك، وأن تختبر ما إن كانت آراؤك عن العالم تتوافق مع الحكمة. والأصعب من ذلك هو أن تعيش باستمرار مع معتقدات غيرك، وأن تتصرف طبقًا لإيمان معين في العالم من حولك. ولكن العمل الدائم بتلك المعتقدات والأفعال هو كل ما تتمحور حوله الحكمة. إنها ليست نظرة فردية وليست قليلا من المعرفة. إنها طريقة معيشة وأسلوب حياة من الطاعة اليومية.
هناك مبدآن مزدوجان يميلان إلى أن يحكما حياتنا اليومية هما: تقليل المعاناة إلى أقل قدر ممكن، وتحقيق أقصى قدر من المتعة. وإذا أمكن دراسة بيان مفصل لتصرفاتنا خلال أسبوع مثلا، وما حوته من القرارات والإجراءات، فسنجد أن الدافع وراء أغلب الأشياء التي نقوم بها هو: إما تجنبًا للألم والمشقة والإحراج؛ أو لتحقيق السعادة والبهجة والمتعة. ويلاحظ أن هذه الدوافع لا تتطلب قدرًا كبيرًا من الاستبطان. إن الناس الذين يعيشون "حياة غير مدروسة" لا يجدون صعوبة في ترتيب حياتهم على الدوام وفقًا لتلك القواعد السلوكية التي تحصل بشكل فطري.
جدير بالذكر أن حكمة بعض الشعوب تربط بين أي شيء يأتي بالفطرة وبين الإثم، فعقيدة الخطيئة المسيحية مثلا تضع احتمال الشك فيما يمكن الإقبال عليه بشكل فطري. وهذا مايطرح السؤال حول: هل هناك شيء آثم في تجنّب الألم؟ فالفرد لا يضع يده في النار. والسبب لعدم قيامه بذلك هو نتيجة خبرته بأن النار تجلب له الألم. وإذا كان من الحكمة تجنّب الاحتراق، فإنه أيضًا ليس من المعقول تجنّب أن تُجرح عاطفيًا، أو تقع ضحية الاستغلال والسخرية.
أما المتعة فإنها تستحضر، في الحديث اللاهوتي، جميع أنواع المعاملات الدنيئة، ولكن بالتأكيد هناك متع بريئة (أو طاهرة). في الواقع، إذا كان الله سبحانه جعلنا نبتهج به وبخلقه، فمن المعقول أن المتع الأثيمة هي في أمور أخرى، تبرزها كل ثقافة بطريقة معينة. على سبيل المثال، في متعة حاسة الشم؛ يُبدي بعض الناس الارتياح للشخص ذي الرائحة الجميلة والنفور من صاحب الرائحة القبيحة. فهل حقيقة أننا نريد أن يكون ذلك الشخص ذا رائحة جيدة (أو على الأقل بدون رائحة)، مما يشير إلى سمة في شخصياتنا نريد فرضها على الآخرين، أم أننا نبحث عن متعة ذواتنا على حساب غيرنا؟ فهل في تلك المتعة خطأ؟ قد لايكون هناك إثم في المتعة التي نحصل عليها من شم زهرة، والدليل أن الشخص لو خُيّر بين زهرة ومطاط يحترق، فهل من الإثم اختيار ما يجلب له بهجة أكثر؟
تلك الدوافع تبدو طاهرة بما فيه الكفاية، عندما تقتصر على المستوى دون الإدراكي. ولكن لنفترض أن الفرد أصبح مُدركًا لتلك الرغبات في نفسه فشكلت حياته بتلك الطريقة وصار يتجنّب كل ما هو غير سار ويسعى خلف المتعة غايةً في حد ذاتها. وإذا كان تجنب الألم والبحث عن المتعة تصرفا لا عيب فيه، فإن فلسفة البحث عن السعادة وتجنب الألم ليست كذلك. فحسب النظام العقائدي لمعظم الناس، فإن تجنب الألم والبحث عن المتعة خبرتان تُقيّمان وفق النتيجة التي نحصل عليها منهما.
فهناك أوقات تتطلب الفضيلة أن نختبر الألم، وثمة أوقات يكون فيها القيام بالشيء الصحيح إعراضًا عن المتعة. وهنا تختلف الحكمة المسيحية في أنها ليست الألم ولا المتعة، بل المعاناة ذاتها بهدف خدمة المسيح؛ أي في الغاية المجردة. في حين أن الحكمة في الثقافة العربية تميل إلى الارتباط بالنتيجة المحسوسة التي نجدها متحققة في حياتنا. على أن الثقافات التقليدية تشترك في إيجاد مبرر غيبي لأصناف معينة من الحكمة تجعلها خلاف مايعتقده المرء، وهذا المبرر يجعل التصرّف الذي يبدو غير منطقي منطقيًا ويمثل رمزًا للحكمة التي لا تدركها الحواس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.