جاء في الأساطير اليونانية أن الإله أبولو (بزعمهم) رأى يوماً (كساندرا) ابنة ملك طروادة على جدول نهر تغتسل. صعق من الجمال والأنوثة فتقدم منها يخطبها من أبيها. قال لها سيكون مهري لك شيئاً لا يصدق؟ وماهو يا أبولو؟ سألت كساندرا؟ قال سأفتح لكِ كوة في عالم الغيب؛ فتعرفين ما سيجري في عالم الغيب المقبل! إنه شيء كبير لكِ يا كساندرا. سترين مصارع الأقوام، وزحف الجيوش، ومَنْ انتصر؟ ومَنْ هُزم؟ سيكون لكِ عالم المستقبل مفتوحاً كالكتاب تقرأين منه ما تريدين. هكذا تقول الأساطير. رفضت كساندرا العرض على إغرائه؛ فقد كانت تستبشع إله الشمس أبولو. إنها قصة تذكرني أيضاً بأسطورة أخرى من الميثيولوجيا الإغريقية عن (أوديسوس) ملك إيتكا، الذي اقترحت عليه الساحرة (سيرسا) أن ينضم إلى قافلة الآلهة، في ليلة يختارون واحداً من البشر؛ فيمنحونه الخلود، ويتحول إلى إله بين مئات الآلهة (بزعمهم) التي تتوزع القوة في الكون، مثل بسايدون إله البحر، وأفروديت ملكة الجمال، وهرمز ملك الحظ والقمار والخمر. وكما رفضت كساندرا فقد رفض أوديسوس. غضب أبولو من هذا الرفض وقال لها: إنني أحببتكِ، ولسوف أعاقبكِ على رفضكِ بشيء لن تصدقيه، سوف أفتح لكِ نافذة في علم المستقبل فترين كل شيء بما فيه مصيركِ أنتِ. ولكن لن أدع أحداً يصدقكِ؟ إنه عقاب مريع أليس كذلك؟ وإذ فتح علم الغيب لها فهي ترى؛ فقد رأت مصير طروادة تدمر. حصان من خشب يدخل خدعة. ملك طروادة صريعاً، أبوها أخيليس يصرع هكتور على أسوار المدينة. باريس يهرب بهيلانة. مدينة تحترق وآلاف يذبحون. صرخت كساندرا يا قوم يا قوم!! أرى النار تأكل. أرى اليونان المخادعين يدخلون. انتبهوا لخدعة الحصان فبطنه مليء بالمقاتلين! لاتناموا بجنبه قط؟ أرى والدي قتيلاً. أرى أخيليس وهكتور بين القتلى. أرى أياكس صريعاً. أرى أجامنون تخونه زوجته ويقتل.. اسمعوا لي جيداً واحذروا وهيِّئوا أنفسكم ليوم الفزع الأكبر. سمع أهل طروادة صراخها، فقالوا: لقد جنت مسكينة كساندرا، وإذ كانت تصرخ بدون انقطاع تحذر؛ فقد وجدوا أن أفضل شيء لها أن تحبس!. هذا هو في العادة عقاب مَنْ يرى الغيب أن يحبس على أنه مجنون. هل نعرف طرفاً من اتهام الأنبياء بالجنون. كان عمر (رضي الله عنه) يردد الآية ولا يفهم (سيهزم الجمع ويولون الدبر) كان يقول أي جمع؟ وأي دبر؟ حتى رأى المشهد في بدر.