عماد علي بو خمسين في وصاياه العشر التي لا تخلو من طرافة وعمق، يختصر لنا المفكر الإنجليزي برتراند راسل المواصفات التي يجب أن تتوافر في الفرد لكي يكون حراً في نفسه، وكذلك لكي يسمح هذا الفرد للآخرين بأن يكونوا أحراراً أيضاً. برتراند راسل (1872 – 1970 م) هو فيلسوف وعالم رياضيات ومؤرخ، وقد فاز بجائزة نوبل للآداب سنة 1950 م. وتأتي وصاياه العشر للّيبرالية التي سندرجها هنا بعد قليل، تأتي في ختام مقالة جميلة نشرها في مجلة نيويورك تايمز سنة 1951 م بعنوان: (أفضل إجابة للتعصب: الليبرالية The Best Answer to Fanaticism: Liberalism). ونشرتها بعد ذلك عديد من المطبوعات الغربية. أسلوبها السهل والمختصر يجعلها لا تزال حية ومتداولة إلى اليوم على المواقع الإلكترونية. «عش ودع غيرك يعيش Live And Let Live»… هذه العبارة البسيطة كانت هي المؤسس الأول لليبرالية في القرن السابع عشر. بعد حروب عقائدية كثيرة في أوروبا امتد بعضها لعقود، جاء الفيلسوف الإنجليزي جون لوك (1632 – 1704 م) ليؤسس للّيبرالية بأفكاره، ويتساءل: ما جدوى القتل من أجل فكرة؟ ما جدوى اضطهاد الآخرين من أجل اختلافهم؟ العالم يتسع للجميع. عش… و دع غيرك يعيش! تبدو الفكرة جميلة إلى الآن، ولكن ما هي منهجيتها وماذا يمكن للفرد أن يفعل لتطبيقها؟ هنا يأتي برتراند راسل ليضع تعريفاً أكثر وضوحاً ثم يضع لنا وصاياه العشر التي يمكن تطبيقها على المستوى الفردي. يقول راسل: «يجب أن يكون كل فرد حراً في طرح تساؤلاته حول أي شيء، ما دام يدعم تساؤلاته بحجج منطقية قوية. هذا هو جوهر الليبرالية». عن أي نوع من التساؤلات يتحدث راسل؟ إنه يتحدث عن وجود الإنسان والدين والسياسة وعلاقات الشعوب بعضها ببعض… حرية التساؤل التي ينادي بها راسل وغيره كثيرون، ستُخضِع كل شيء لإعادة النظر والتأكد من أنه ما زال صحيحاً حتى لو اعتقدت البشرية بصحته منذ قرون. إذا كانت الليبرالية بهذا الجمال الوردي، إذن لماذا هناك معترضون عليها؟ معارضو الليبرالية لديهم وجهة نظر أيضاً، فهم يقولون: الحقيقة معروفة لنا بالفعل، والتساؤل حولها هو بالضرورة تساؤل هدّام وسيخلق المشكلات. وهكذا فإن الغرض من وجود العقل المفكّر بالنسبة لهؤلاء المعارضين ليس اكتشاف حقائق جديدة، وإنما الغرض من العقل هو تقوية الإيمان بالحقائق المعروفة بالفعل والموجودة مسبقاً! يبدو أن هذا هو سبب الاصطدام الدائم بين مؤيدي الليبرالية ومعارضيها. في النقاط التالية يظهر صفاء ذهن وحدة لسان راسل وقدرته على عرض أفكاره غير المعتادة ببساطة. نترك القارئ مع ترجمتنا للوصايا العشر الليبرالية لبرتراند راسل، وحبذا لو يحاكم كل شخص نفسه من خلالها أثناء قراءتها: 1. لا تكن متأكداً جداً من أي شيء. 2. لا تظن أن بإمكانك أن تنشر أفكاراً مع إخفائك الدليل عليها. سيظهر الدليل للنور عاجلاً أم آجلاً. 3. لا تقلل أبداً من أهمية التفكير. كن واثقاً أن النجاح سيكون حليفك. 4. عندما تصطدم بمعارضيك حتى لو كانوا زوجتك وأولادك، اجتهد لتتجاوزهم بالنقاش وليس بفرض سلطتك عليهم. الانتصار المعتمِد على السُّلطة هو انتصار وهمي غير حقيقي. 5. لا تحترم أي سلطة يفرضها الآخرون عليك، فهناك دائماً سلطات أخرى معارضة لهم. 6. لا تستخدم قوّتك لإخماد أي آراء تعتقد أنها ضارة أو خبيثة. إذا فعلت ذلك، فإن تلك الآراء ستُخمِدك. 7. لا تخشَ أن تكون غريباً في أفكارك. كل رأي مقبول اليوم، كان غريباً ذات مرة. 8. ستجد متعة كبيرة في النقاش الذكي أكثر مما ستجده في الموافقة العمياء. إذا كنت تحترم الذكاء بما يكفي، فالنقاش الذكي يتضمن موافقة أعظم من تلك الموجودة في الموافقة العمياء. 9. كن صادقاً لأقصى حد حتى لو كانت الحقيقة مزعجة. ستكون الحقيقة أكثر إزعاجاً إذا حاولت إخفاءها أو التضليل عليها. 10. لا تحسد أولئك الذين يعيشون في جنة المغفلين على سعادتهم. المغفّل فقط يعتقد أن تلك هي السعادة.