يتميّز شهر رمضان في المجتمع السعودي عن غيره من الشهور ب«السُّفر الرمضانية» التي تتفنن السيدات في إعدادها وملئها بعديد من الأصناف والمأكولات، واعتبرت السيدات أن تلك عادة جرت في الإفطار خاصة، وترمي السيدات سهام الاتهام على الأزواج في حدوث الإسراف على السُّفر الرمضانية، وأكدن أن الأسرة تبدي تضايقاً إذا قلّت الأصناف بما في ذلك الزوج الذي يدقق فيما ستجهزه له زوجته على مائدة الإفطار ويلومها إن قلت وينعتها بالإهمال. كما اعتبرت سيدات أخريات أنهن لا يشعرن ب«حلاوة» الصيام إلا عندما يقضين ساعات نهار رمضان في إعداد الأطباق الشهية، فرائحة الطبخات المتصاعدة تقود الأسرة للتجمّع على مائدة الإفطار، ورفضت النساء إطلاق كلمة «إسراف» على ما تملأ به السُّفر، قائلات تلك عادة اعتادها المجتمع ولا خلاف في إظهار النعم والتمتع بها. د. عبدالله المغلوث من جهته، قال الخبير الاقتصادي عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث، إن المجتمع السعودي ينعم بخيرات ولكن مع الأسف تغيب ثقافة الاقتصاد والتوفير، ويسعى للبذخ ليس فقط في شراء الكماليات بل حتى الموائد والسُّفر ومنها سُفر رمضان، التي تزيد نسبتها عن باقي الأيام العادية 50%. وقال المغلوث: يرجع تقدير نسبة الاستهلاك إلى عدد من العوامل، مثل حجم الأسرة، عدد الأفراد، ثقافة المشاركة وحجم الدخل، لكن كل هذا في جهة وثقافة الاستهلاك في منطقة الخليج في جهة أخرى، حيث الميل إلى ملء السُّفر والموائد، وكأنما هنالك مهرجان للمأكولات واستعراض ما لذ وطاب، وفي هذا خسائر تؤثر في ميزانية ومدخرات الأسرة. مثلاً في الأسر المتوسطة الحجم قد تستهلك 30% من سفرة الإفطار وتشارك 30% منه مع الجيران، و30% يتم ادخاره للسحور، والباقي 10% يُهدر، وقد تختلف هذه النسبة حسب العوامل الآنفة الذكر. د. سعود الفنيسان من جانب آخر، قال عميد كلية الشريعة الأسبق في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سعود الفنيسان: الإسراف في كل شيء حرام سواء في المأكل أو المشرب أو الملبس ونحوها، هو خروج على الوسط والعدل الذي أمر الله بهما في كل زمان ومكان، يقول الله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، والإسراف عين التبذير، وقال من المؤسف ظهور هذه الصفة في رمضان أكثر من غيره من الشهور، وهذا ناتج عن عدم تقدير النعمة وعدم معرفة الإنسان نفسَه ومعدته خاصة. فضلاً عن الجهل بحقيقة الصيام التي هي التقوى، وكثير من أصحاب هذه السُّفر مبذرون لو طُلب منهم عُشر قيمتها لفقير أو علاج مريض ما دفعوه له، والإسراف في الطعام ظاهرة سيئة في مجتمعنا. وأضاف أنه من المحزن والمخجل جداً ظاهرة كثرة المطاعم للوجبات السريعة وبجوارها صيدليات الدواء، وكأننا نقول للشباب كلوا ما يمرضكم ويتخمكم والدواء جاهز وقريب جداً.