لإنارة القارئ أين وصل جنون القوة فعلينا معرفة البداية حتى النهاية. كانت فاتحة الشر مع قنبلة هيروشيما، حيث تم إلقاء قنبلة انشطارية من قوة (15) كيلوطنا، أي (15) ألف طن من مادة «ت.ن.ت» شديدة الانفجار. كانت البداية مع السلاح الانشطاري بشكليه (اليورانيوم) و(البلوتونيوم)، ويتم استخلاص اليورانيوم (235) من خام اليورانيوم (238). القنبلة التي أُلقيت على هيروشيما كانت قنبلة يورانيوم (235)، (سميت الولد الصغير وحجمها بقدر إسطوانة الغاز الكبيرة) ودون تجريب، في حين أن قنبلة ناجازاكي كانت قنبلة البلوتونيوم (239) وأخذت اسم (الرجل السمين) بسبب انتفاخها مثل البرميل، وبلغ وزنها طنين، وهي التي جربت في منطقة (ألاموجوردو) وأعطيت لقب (ترينتي) أي الثالوث المقدس! وبلغ مخزون الدولتين العظميين يوما إلى ما يزيد عن خمسين ألف رأس نووي تكفي لتدمير الكوكب الأرضي عدة مرات! مشى التسارع بعد ذلك في اتجاه زيادة القدرة التفجيرية بعد أن وصل الاتحاد السوفيتي إلى تفجير قنبلته الانشطارية الأولى عام 1949 وأعطاها لقب (جو 1) نسبة إلى جوزيف ستالين، فجُن جنون البنتاجون واستدعوا (إدوارد تيللر) للمضي في مشروع جهنمي لا تعتبر القنبلة الانشطارية أمامه بشيء. وفي آذار من عام 1954 تم تفجير قنبلة بقوة 18 ميجاطن (أقوى من قنبله هيروشيما ألف مرة!!). كان بإمكان هذه القنبلة الجديدة مسح عاصمة عالمية من خريطة الوجود وإصابة الناس بالحروق (درجة ثالثة) حتى على بعد 45 كم من مركز الانفجار، وتُوج الجنون عام 1958 بتفجير قنبلة سوفييتية من عيار 58 ميجاطن أي أقوى من قنبلة هيروشيما ب (3800) مرة!. فكر البنتاجون بعدها بمشروع تفجير قنبلة بعيار مائة ميجاطن. ولكن الطرفين شعرا أنهما يمضيان في طريق الجنون المطبق! ولم يكن بد من العودة، كما بدأنا أول خلق نعيده. وهكذا ألغت القوةُ القوةَ. الحرب والقوة إذًا هي أساليب المتخلفين أو الخبثاء. أليس منا رجل رشيد؟