نصوص تنشر أسبوعياً، من «يوميات بيت هاينريش بول»، التي كتبها الشاعر أثناء إقامته الأدبية، في منحة من مؤسسة «هاينريش بول» في ألمانيا الحب في المائدة صاحبُ البيت ماذا أسمّي رحيلك قبل وصول الضيوف رأيتكَ يا «هنريش بول» المحترم بقلمك بين أصابعك النحيلة بالعوينات الأكثر تعباً من النظر بافترار ابتسامتك المكتومة وأنتَ ترى ما يدور حولك كأنه لا يريد أنْ يحدث. تهمس في كتف صديقك الروسيّ العجوز: تعالَ انظرْ إلى هذا البيت لكي يصيرَ أفقاً كلما جاءه غريبٌ زاده سِعةً وازدهرتْ فيه الألوان. يا «هنريش بول» المحترم ماذا أسمّيك وأنتَ تذهبُ باكراً دون أنْ تسمعَ كلمات أصدقائك وهم يحفرون أيامهم في خشب بيتك وأحجاره العتيقة مثلما يحفر الأسرى أحلامَهم في زنزانة الحرية. ذئبٌ سئمتُ ثلجَ انتظاراتي لبريدٍ بخيلٍ لستُ إلا وسناً يتسرّبُ في الإبريسمِ العليل مَنْ يقوى على برد الوقت خيطٌ يمرّ مشدوداً على الجراح ممرَّغاً بالأشلاء والشظايا خيطٌ أخرس لا يقولُ شيئاً يزيحُ حجرَ الكبد مغزولٌ بما يبسط العاصفة وحيدٌ في جنة الغريب والرسائل تتركني في جحيم الصقيع أتقرّى طريقاً لها لا لأتصلَ، لأنفصلْ، ذئبٌ، قطيعةٌ تُنقذ القلب. «موزة» بَدأتْ بالمائدة زَيَّنَتْ بالشُميعات أكتافَ الطاولة وأقنعتْ الخُبزَ بدفئهِ الحميم حتى وصول الضيوف وأوصتْ القرنفلَ والقِرْفةَ وحَبّ الهال ليحتفوا بالأبيض الناعم الكريم وعَطَّرتْ خَزينَ الحديقة بالزيت والزنجبيل ومَنَحَتْ القلبَ كلَّه للبهار الصديق لئلا يَشحَّ وهو يدفع الفتنة لذخائر النار. أيها الضيوف الأنقياء تريَّثوا خذوا وقت الطريق كاملاً مثلَ مهل الذاهب إلى الحُب لئلا يخسرَ اللذة سِراعاً يا أيُّها الضيوف تأخروا قليلاً ودعوا لها متعة ابتكار الحُبَ في المائدة.