طالب السيناريست البحريني أمين صالح بدعم المواهب الشابة من قبل وزارات الثقافة ومديري القطاعات الثقافية في الخليج العربي، عبر تحفيزهم على فتح آفاق جديدة في التعبير والاتصال، وتحريضهم على اكتساب المعرفة النظرية في الثقافة السينمائية، وأن تتاح لهم حرية العمل بلا كوابح، أو محاذير، في المحاضرة التي قدمها بعنوان «الفيلم القصير: الواقع والمعوقات»، وأدارها الناقد الدكتور مبارك الخالدي مساء أمس الأول في مقر الجمعية بالدمام، وامتلأت المقاعد المخصصة للرجال بالحضور والمهتمين، فيما بدت نظيرتها المخصصة للنساء فقيرة بهن، وانسحب نصفهن الذي لا يتجاوز العشرة قبل بدء المحاضرة. وتحفظ صالح على مصطلح «السينما الخليجية»، لأنه غير دقيق جغرافياً، وغير دقيق فنياً، لأنه يوحي بأن هنالك في دول الخليج سينما ملتحمة عضوياً، في حين أنها مجرد محاولات وتجارب فردية متباينة المستوى والقيمة. وأكد صالح أن الأفلام المنتجة في دول الخليج «الكويت، والبحرين، والإمارات، والسعودية» لا تزال في طور النشوء والتكون، مستعرضاً التاريخ منذ السبعينيات وحتى اليوم، حيث أنها لم تنتج إلا عدداً قليلاً جداً من الأفلام الدرامية الطويلة، والقصيرة كانت تنتج في فترات متباعدة، وبوسائل متواضعة، ولم تنتعش إلا منذ سنوات قليلة، بأفلام لم ترق إلى المستوى المطلوب فنياً. ونفى صالح أن تعد المحاولات ساذجة وبدائية ولا قيمة لها «بالنظر إلى كل محاولة كحالة مستقلة، كفيلم قائم بالعناصر الفنية المتاحة والإمكانات المادية المتواضعة، يتحتم علينا أن نقول بأنها محاولات شجاعة، وجريئة، وجديرة بالثناء والإعجاب، ولا تخلو فنياً من ومضات والتماعات ملفتة». مؤكداً وجود محاولات طموحة وتوجهات جادة لتحقيق أفلام تريد أن تعبر بجهودها وإمكانياتها البسيطة والمحدودة. وأشار صالح إلى طفرة إنتاج الأفلام القصيرة والوثائقية في السنوات الأخيرة بالخليج، وما بدا جلياً وواضحاً في المسابقات والمهرجانات التي كانت السبب الرئيسي في إبراز مواهب عدد من السينمائيين الشباب، لكنها في الوقت ذاته لا تعوض النقص الأكاديمي في ظل غياب المعهد، أو الثقافة السينمائية. وأشار صالح إلى مساهمة التكنولوجيا في تطور صناعة السينما، وبالأخص كاميرا الديجيتال، وأوضح أن الأفلام التي تصنع بهذه التقنية لا تؤخذ بجدية، «بل يواجهون وافراً من صيحات الاستهجان والسخرية، لأنهم لا يستخدمون كاميرات السينما». وأكد صالح وجود معضلة أساسية يواجهها الناقد، في محاولة تقييم التجربة، فهل ينقد بقسوة فيصيب المنتج بالإحباط، أم يتساهل فيفضي إلى الضرر نفسه؟ واستنكر صالح بعض ما يفعله النقاد العرب الذين لا يهتمون بالفيلم القصير، ويرفضون إطلاق تسمية «سينما»، أو «فيلم»، على ما ينتجه الشباب «إنني أجد في هذا تحاملاً لا يليق بناقد مهمته أن يدرس ويحلل ويكتشف، لا أن يلغي أو يقلل من شأن تجارب ربما لم يشاهد كثيراً منها»، وأكد أن النقاد العرب المهتمين والمتابعين لا يتجاوز عددهم الخمسة. واستعرض صالح المعوقات والتحديات التي تواجه الأفلام في الخليج، وهي التكاليف المادية الكبيرة، والنظرة المتزمتة التي ترى في السينما رجساً وبؤرة إفساد، وندرة العناصر الفنية المؤهلة سينمائياً، وضعف قنوات العرض والتوزيع. وأشار صالح إلى بعض حالات تضخم الذات والغرور والادعاء عند بعض المخرجين الشباب الذين يرغبون في إحراز الشهرة والمكاسب الفردية، على عجل وبشيء من الاستهتار. وامتدح صالح الجيل الحالي الذي يعرف كيف يتحدى ويجسد أو يصوغ أحلامه بالصورة والصوت والضوء، مشيراً إلى الشباب الذين يتمتعون بروح عالية من الشغف بالفن السينمائي، ومحاولة فرض أنفسهم، وإثبات حضورهم في الساحة الثقافية، وانتزاع اعتراف الآخرين بهم». وهم يعلمون جيداً أن أمامهم طريقاً طويلة وشاقة من النضال». وقدم القسم الفني بالتعاون مع المنتدى الثقافي في الجمعية العربية للثقافة والفنون ثلاثة مقتطفات من ثلاثة أفلام قصيرة سعودية «ملائكة بلا أجنحة» لمحمد الباشا، و»مونوبولي» لبدر الحمود، و»عايش» لعبد الله عياف. وناقش صالح مع الحضور أبرز الموضوعات المهمة، كعنصر الزمن والإيقاع في الأفلام، وجهل الناس بالثقافة السينمائية، والشعرية في النص السينمائي، وافتقار الأفلام القصيرة لقنوات العرض.