لكل منا حياته المستقلة ونعمه التي خصصها الله له، سواء أكانت ظاهرة أم باطنة، يعلم بها أم لا يعلم، تكون له بلسماً لعبء يومه، وبرءاً لأكداره، تخفف عنه كثيراً من همومه، وتحمل على عاتقها جُل متاعبه حتى تجعله يمضي بنفس مطمئنة، وقلب هنيء، حتى تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياته، فتتحول في ناظريه من نعم وهبها الله إياه إلى روتين قد اعتاد عليها فيهملها ويغفل عن لذة الشعور بوجودها وشكر الله عليها حتى يفقدها، فيصحو من غفلته، وينظر لنعمه الباطنة التي فقدها فينتابه شعور بالحسرة والندم لتجاهله إياها ونسيان فضل الله عليه، وما أعظم نعم الله التي لا تُعد ولا تُحصى، نعمة إسلام، وسمع، وبصر، ومسكن، وملبس، وطعام، وشراب، وأزواج وأولاد، وغيرها. «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ» (إبراهيم: 34). وكثيرة هي النعم المغمورة بنا، وكثيراً ما نجد من يطغى عليها كمن يُسرف ويبذخ في المال، وآخر يُهمل تربية الولد ورعاية والديه، وهناك من نجده فاقداً للمال وللولد وللوالدين، لذا على المرء أن يُدرك فضل الله عليه ولا ينشغل في دوامة الحياة متناسياً التفكر فيما وهبه الله، وشكره على الدوام، وتذكّر (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) رواه البخاري.