نعمة الأمن إذا هبت في بلد جعلت منه واحة يتفيأ في ظلها الوارف جميع أبنائه، يروحون ويغدون آمنين على أنفسهم وممتلكاتهم، والأمن مطلب الشعوب كافة، وهو هبة من الله لعباده، ونعمة يغبط عليها كل من وهبها ولا عجب في ذلك فقد قال الله سبحانه: (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) وقال صلى الله عليه وسلم: «من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بما فيها أو قال بحذافيرها». إن نعمة الأمن والاستقرار لمن أعظم النعم التي يظفر بها الإنسان فيكون آمناً على دينه أولاً ثم على نفسه وعلى ماله وولده وعرضه، بل وعلى كل ما يحيط به، فالأمن مطلب لكل بلد، وحلم يعشقه كل من افتقده، ولا أحد يعرف هذه النعمة إلا حينما يسافر خارج حدود بلده، إلى بلد لا تتوافر فيه نعمة الأمن، ففي هذه اللحظة يعرف مدى هذه النعمة التي وهبها الله سبحانه لهذا البلد!! ومن مقومات الأمن في الأوطان الاستقرار السياسي للبلاد، فهو من أهم عناصر استتباب الأمن، وقد اهتم الإسلام بتأمين استقرار البلاد فأمر بطاعة ولاة الأمر في غير معصية لله وجعل طاعتهم متممة لطاعته وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً). ومن مقومات الأمن أيضاً الاستقرار الاقتصادي للبلاد فتأمين الحياة الطيبة للجميع بتوفير حاجاتهم وسد مطالبهم يوفر الأمن للبلاد. ولا بد أن نعلم أن مسؤولية الأمن مسؤولية الجميع، فهي ليست مسؤولية رجال الأمن فقط، بل مسؤولية الجميع ومتى ما وعى الشعب ذلك في تكاتف ومحبة وإخاء، ساد الأمن بإذن الله بظله الوارف على أرجاء الوطن. ولو نظر كل منا إلى ما يجري في بعض الدول من اختلال في الأمن، وفقدان لمقوماته الأساسية، يجد بأن من فقدوا هذه النعمة لا يأمنون على أنفسهم ولا على أولادهم، ولا على أعراضهم، فكيف يهنأون بطعام وشراب في ظل فقدان الأمن والأمان، فما فائدة مال قد يسلب!! ومن سيخرج من بيته وهو يعلم بأن حياته مهددة بالخطر!! لذا فهناك مصالح ستتعطل، وهناك أعمال ستتوقف!! وخسائر سيتكبدها الوطن والمواطن على حد سواء!! تلكم أيها الإخوة إحدى النعم التي وهبها المولى سبحانه وتعالى لهذا الوطن الذي آلى ولاة الأمر فيه على أنفسهم بأن يجتهدوا لتحقيق هذه النعمة، ولينعم أبناؤه بحياة طيبة، وعيش كريم.ا وأسأل المولى عزَّ وجلَّ أن يديم نعمة الأمن والاستقرار على هذه البلاد الطاهرة، وأن يجنبها كيد الكائدين، وحقد الحاقدين إنه ولي ذلك والقادر عليه، ودمتم بكل خير.