فايع آل مشيرة عسيري في بلاد «بني ثوعة» تحديداً يسير بي طريق قريتي المتصدع، الذي عزف للبكاء وللحزن لحن الإهمال، والتسيب، فالأمطار تواصل قصفها، والسيول تواصل جرفها، و»جلمود صخر حطه السيل من علِ» فأضحى حجر عثرة في طريق القادمين لقريتي، وعقبة معلَقة هي من بقيت كجسرٍ معلقٍ يكاد يمسكه عرفان شيمته، والصبر على قريته المعزولة المكلومة بالانتظار، وسيل المواعيد المجهضة عند صاحب المشروع وقلمه، وقد نضب حبره من سوء ما بشرته به سريرته.. ومقطع أغنية يصرخ بها جوَّال «قهوجي» البلدية.. «كل المواعيد وهم!». قريتي المختبئة في جوف السحر قيامًا، وقعودًا، ومعاناة من صيف يغلي على صفيح من لهب، ما زالت تحاول أن تبلل أزقتها، وأرواح شيوخها الراحلين، ومسنة بالجوار تدعو «حسبنا الله ونعم الوكيل»! قريتي التي رأت النور حلمًا.. كحلم جدي الذي آنس نوراً، ولم يره واقعاً، فورثه أبي.. حكايات طويلة مع الكهرباء المقطوعة لعدة أيام، وإذا قدِّر لها واستمرت فهي بين الضعف تارة، والانقطاعات الطويلة تارات كثيرة. نستجدي عطف شركة الكهرباء التي باتت توهمنا بضوئها الساطع ليلاً خادعاً، وكأنها الأسطورة الخرافية «حمدة» على طريق نجرانشرورة الصحراوي.. «حمدة» ذات الاسم الجميل الذي يلهث وراءه المسافرون، والعابرون، والبدو خلف إبلهم فتضيعهم، كما أضاعت كثيرا مثلنا.. وتذهب بنورهم كما تذهب شركة الكهرباء بنور أفراحنا. فكم هي المرات التي ألقت شركة الكهرباء بظلامها على قريتي؟! في لحظة عرس جميل، أو نهائي كرة قدم مثير. وما زالت لعنة الانقطاعات الكهربائية تتواصل.. وتسويفات موظف الصادر والوارد تتقافز عن المصداقية، وما زلنا ننتظر الصيف كي تجتمع أسرتنا في ذكرى بيتنا الشعبي العتيق فنأتي من مناطق متعددة، وبعيدة، فمن الباحة، مروراً بنجران، والدمام وبقية الأهل المقيمين في «الديرة» نجتمع كي نجدد الذكريات، والحب، واللقاء، وما زالت الكهرباء تشاركنا في فرحة لقائنا منذ اللحظة الأولى، وكأننا ضيوف من طينة «ثقالة الدم» عليها.. فارتضت العقاب، والانطفاء، والانكفاء وراء تبريرات تكاد تذكرني بتبريرات الكابتن ناصر الجوهر، وخروجنا الحزين من مونديال جنوب إفريقيا 2010. ومضة: نسيت أن أخبركم بأن هذا المقال ولد تحت جنح الظلام، فالكهرباء صدت وجهها عنا من يومين، وما تزال تقليعات الكهرباء الصيفية التطفيشية تواصل عرض موديلاتها الحديثة!