الطائف – عناد العتيبي تجاوز أزمة تعليم البنات وأعدّ كريماته للعمل في السلك التعليمي مبكراً درس في مكةوحضرموت وتواصل مع العلوم الحديثة في سوريا ولبنان الدباغ في سنوات شبابه تذكّر المجتمع السعودي، أمس، تلك المداعبة الطريفة التي دارت بين خادم الحرمين الشريفين وبين معلّمه الشيخ عيسى الدبّاغ، قبل سنوات، ومازح فيها الملك معلّمه القديم سائلاً إياه أمام حشد من الضيوف المرموقين «هل أُخبر بما كنتُ تفعله معي؟ أم لا أخبر؟». الحوار الموثق في يوتيوب مدته أقل من دقيقة، ويعود إلى عام 2005، ووقتها كان الدباغ مع وفد لأهالي الطائف التقى الملك. وقد تجاوز المقطع حاجز الملايين الخمسة في المشاهدات. كان لقاءً حميمياً وطريفاً في آن واحد، خاصة بعدما ذكّر الملك معلّمه بأنه كان يضربه، ليردّ المعلم المسنّ بأن «ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب». وأمس، عاد مقطع اليوتيوب إلى نشاطه، مع نبأ وفاة الدباغ بعد معاناة مرضية طويلة. وجسدت الحشود التي شيعته في محافظة الطائف المكانة الكبيرة لواحد من معلّمي أنجال الأسرة المالكة، خاصة أنجال الملك المؤسس. وفي مشهد مهيب خرج جثمان الدباغ محمولاً على الأكتاف من مسجد عبد الله العباس في المنطقة التاريخية. وتوافد مسؤولون ومواطنون للمشاركة في تشييع أحد رموز المحافظة، إلى مثواه الأخير. وطبقاً لنجله الأكبر، الدكتور عبدالله، فإن الشيخ الدباغ رحل عن عالمنا بعد أكثر من شهر أمضاه في مستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي بالطائف، مواجهاً مشاكل الشيخوخة التي رافقته حتى ناهز المائة عام. ويمثّل الراحل الدباغ أنموذجاً للجيل الأول من المعلمين السعوديين العصاميين الذين تلقّوا تعليمهم بطريقتهم قبل تأسيس نظام التعليم في المملكة. وقد نشأ يتيماً، وسجلت نشأته القاسية تحولات كبيرة بدأت بفقد والده، قبل أن يرحل مع عائلته إلى جنوب الجزيرة العربية، تحديداً مدينة المكلا في حضرموت اليمن، بعد ضم الملك عبدالعزيز منطقة الحجاز إلى الدولة السعودية الناشئة آنذاك. وأكمل الدباغ تعليمه في المدرسة التي أنشأها أخوه الأكبر حسين الدباغ في المكلا، وبقي هناك حتى عاد إلى البلاد بطلب من الملك عبدالعزيز الذي أوكل إليه تدريس بعض أنجاله، خاصة أنه كان ذا براعة واضحة في اللغة العربية وعلم الحساب. .. وفي سنواته الأخيرة وبالرغم من محدودية أفق التعليم، في مراحل النشأة، إلا أن الراحل كان ذا رؤية عصرية، ويُحسب له أنه كان يصطحب أبناءه في برامج تعليمية صيفية في سوريا ولبنان، ليدرسوا على أيدي معلمين ذوي اختصاصات علمية حديثة. كما يُسجّل له أيضاً أنه تجاوز كثيراً من المحاذير الاجتماعية التي كانت تعارض تعليم البنات، ونجح في تعليم بناته اللاتي انخرطن، لاحقاً، في السلك التعليمي وكنّ رائداتٍ في تعليم السعوديات منذ مراحل مبكرة. ومن المفارقات في حياة الراحل أنه لم يقد السيارة طيلة حياته، وكان شغوفاً بالرياضة والمشي بهدف المحافظة على صحته. وقد حرص على ممارسة الرياضة حتى مرحلة متأخرة من عمره، قبل أن يطرحه الكبر والمرض في الفراش، وتشتد عليه أمراض الشيخوخة، وتتدهور صحته في الشهر الأخير، لينتقل إلى الرفيق الأعلى مساء أمس الأول. عيسى الدباغ * ولد عام 1915 في مكةالمكرمة. * بدأ تعليمه في حلقات المسجد الحرام. * فقد والده مبكراً وتولى رعايته أخوه الأكبر حسن. * رحل في سن الثامنة مع أسرته إلى اليمن عام 1923 حتى عام 1933م. * عاد إلى الوطن وأقام في الرياض معلماً لبعض أنجال الملك عبدالعزيز. * من تلاميذه: الملك عبدالله، الملك فهد، والأميران مشعل ومتعب. * أبناؤه : خمسة ذكور وتسع بنات. * تقلد مناصب عديدة وصولاً إلى مدير عام تعليم المدارس العسكرية والمشرف عليها في وزارة الدفاع. * أنهى مسيرته متقاعداً من وزارة المالية.