جدة – عبدالعزيز الخزام لا نزايد على «إسلامية» أحد.. و«القائمة السوداء» حكاية غير مقبولة نصرف أكثر من ثمانين ألف ريال شهرياً بين الصيانة والفواتير عدا الرواتب د. عبدالله السلمي أعلن رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله السلمي أن الأندية الأدبية تجاوزت مرحلة المنابر القولية، إلى مرحلة التأسيس لعمل ثقافي متكامل وجاذب ومستجيب لرغبات الجيل. وقال السلمي في حوار مطول مع «الشرق» إن مجلس إدارة النادي لا يزايد على إسلامية أحد، نافياً أن يكون قد تقدم بمقترح إنشاء قائمة سوداء لمنتقدي الأندية الأدبية. * في نهاية الموسم الثقافي للنادي ما هو أكثر شيء وأقل شيء أعجبك هذا الموسم؟ - اسمح لي ابتداءً أن أبين أن نادي جدة منذ مجيء مجلس إدارته المنتخب لا يتوقف عن العمل، ولم يضع في أجندته نهاية موسم أو بداية آخر، فالعمل في الصيف يسير كبقية العام (دورات ومحاضرات وورش ومسرحيات) وتقديم برامج صيفية ورمضانية وعيدية. وفي كل الأحوال ففي نهاية الموسم نُخضع كمجلس إدارة ما تم تقديمه للتقييم والتقويم، ومع يقيننا أن أي عمل سيعتريه القوة والضعف وسيكون المتلقي بين مادح وقادح؛ لأن مطالب المثقفين متنوعة وتطلعاتهم مختلفة والنادي في مدينة حية وحيوية وهي مدينة جدة، لكن المهم في النهاية أن هناك عملاً ولو لم يرض بعضهم. وفي كل الأحوال الرضا وعدمه ننتظره من الوسط المستفيد، وهو لنا بمنزلة الوقود للعام القادم ونحن نستشف نجاح عملنا من رافدين: التغذية الراجعة لما قدمناه هذا العام، وتطلعات أعضاء الجمعية العمومية ومجلس الإدارة. وعلى كل حال فنحن بوصفنا مجلس إدارة فقط نرى أننا لم ندخر جهداً في سبيل تقديم ما يتطلعون إليه. وربما كان نجاح (ملتقى قراءة النص) شكل العلامة الفارقة في نشاط هذا العام الفارط؛ لأن مجلس الإدارة تلقى إشادات رسمية وعربية ومحلية من كل المثقفين المشاركين والمتابعين. تطلعات المرحلة * ما هدف المرحلة المقبلة لنادي جدة؟ - في الحقيقة لا بد أن أقول إن التطلعات لا تحد والطموحات لا تعد، ولكن حتمية استحضار الواقع – وفق إمكانات النادي المادية والبشرية والزمانية – تجعلنا في المجلس ندقق بلا اندفاع ونخطط بتريث وننتقي من الأفكار والطموحات ما يستجيب للمرحلة ويتسق مع التطلع ويكون في حدود الممكن، وزملائي أعضاء مجلس الإدارة وعضواته ممن لا يؤمنون بجعل مراحل العمل في المؤسسات حقبا تأريخية أو أرخبيلا من جزر متفرقة من العمل لكن دائما نتواصى على أننا سنبني على ما وجدنا ونعززه وفاء لهذه المؤسسة وحرصاً على نجاحها، وستكون خططنا التطويرية وفق متطلب المرحلة سواء على مستوى آليات العمل أم على مستوى المناشط أم على مستوى الشرائح المستهدفة من المجتمع. ومن الحكمة أن أي فريق عمل إذا جاء في مكان ما، يُفترض فيه ألا ينسف الماضي، أو يتنكر له، أو يعمد إلى تجاهله أو تسفيهه، وعلى أي مجلس أن ينظر إلى المنجز، فما يراه محتاجاً إلى بناء إضافي يضيفه، وما يحتاج إلى تطوير يطوره، وهذا هو منهجنا في نادي جدة. ولا أخفي عليكم أن أعضاء مجلس الإدارة في النادي وعضواته لديهم طموح كبير في العمل الجاد للرفع من شأن الثقافة في المملكة عامة وليس في جدة فحسب، ودائما يجعلون ذلك في مقدمة اهتماماتهم، وكم دعونا إلى ضرورة تعاضد الأندية وتعاونها واستحضارها لهذا الهدف وقد بدأنا فعلاً من خلال نادي (جازان) الذي أطرنا التعاون معه في اتفاقية شراكة ثقافية، ولدينا محاولات مع (نادي الشرقية) لم تتبلور بعد لظروفهم. وعلى كل حال فمهما اختلفت الآليات فرسالتنا واحدة، وللعلم فلدينا لجنة خاصة بالتبادل الثقافي قدمت مشروعاً متكاملاً سيطرح للنقاش في جلسات المجلس القادمة يستجيب للتطلعات الثقافية. النادي ليس منبرياً فقط * هناك انتقادات موجهة للنشاط المنبري وغياب مواضيع مهمة. كيف ترد؟ - فيما يتعلق بالنشاط المنبري فأنا على يقين أن من ينتقد يظن بنا أفضل مما قدمنا ويتوقع منا أكثر مما رأى، وبالتالي فأسعد كثيراً بالانتقادات الموجهة للعمل ولأجله. ولكن لا بدّ أن يدرك الجميع أن برامج النادي ليست مناشط منبرية فقط يحضرها جمهور متلقٍ ويتحدث محاضر وينفض السامر، ثم إن النشاط المنبري لم يعد جاذباً كما كان، والأندية الأدبية تجاوزت مرحلة المنابر القولية، إلى مرحلة التأسيس لعمل ثقافي متكامل وجاذب ومستجيب لرغبات الجيل في ظل استحضار المعطيات العصرية اللحظية، ولدينا إحصاءات جمعناها عبر سبع سنوات ماضية ومن أكثر من ناد أدبي حول التفاعل الحضوري مع المناشط المنبرية، وكانت بكل أسف غير مشجعة وتسير في عد تنازلي، ولست بصدد توضيح الأسباب الآن. وعلى كل حال نحن في نادي جدة أبقينا على النشاط المنبري وفق معايير معينة ولم يتوقف، بل أقمنا محاضرات للغذامي والبازعي والعدواني والفيفي واليافي وباديب وباعشن وغيرهم كثير وأمسيات لروضة الحاج واعتدال ذكرالله ويعقوب، وفي ذات الوقت أوجدنا بدائل جاذبة يضطلع بها النادي حالياً. فلدينا في نادي جدة مراحل وأنواع من العمل والبرامج والجماعات والمنتديات والمسابقات والصالونات والإيوانات والحلقات النقدية والدورات التدريبية والبرامج الإذاعية والدوريات والمطبوعات وفي الطليعة تبنينا مشروعي (طاقات وجليس). ومن يزر النادي يلفه لا يتوقف يوما عن إقامة نشاط، بل يخال إليه (إن كان منصفاً) أنه أمام أرخبيل من الجزر المتفرقة من البرامج التي تجمعها في النهاية حدود الأدب والثقافة، ولن أجافي الحقيقة إذا قلت: إن النادي يقيم في اليوم الواحد أحيانا ثلاث فعاليات. التوجهات الإسلامية * يقول أحد أعضاء الجمعية العمومية للنادي إن أعضاء مجلس الإدارة يشعرون بأنهم محاربون من الإعلام بسبب توجهاتهم الإسلامية.. هل تولد لديكم مثل هذا الشعور؟ وكيف تقيم موقف الإعلام تجاهكم؟ - لا أتصور ذلك؛ لأنه لا يوجد في بلادنا من ليس لديه هذه التوجهات، فنحن في المملكة العربية السعودية، ووسائل الإعلام والمثقفون والمراقبون والمسؤولون كلهم مسلمون ونحن لا نزايد على إسلامية أحد، وإذا كانت إسلاميتنا تهمة تستدعي المحاربة فحيهلا، أما الرؤى والقناعات والسلوكيات فهي تختلف من إنسان لآخر، لكن المؤسسة الثقافية بيت للجميع وبابها مفتوح لا يملك أحد رد من يغشاه. أما عن تقييمي لموقف الإعلام من النادي فبكل إنصاف وصدق كان الإعلام حاضراً منصفاً نفرح بمن ينتقد للبناء ومن يشيد للتشييد والتشجيع. المهم ألا يتكئ الإعلامي على النقل فقط أتمنى أن يتبين العمل ويعرف الجهد وحينها أنا على يقين بمهنية إعلاميينا وكتابنا. إنني أومن أن الإعلام هو المرآة العاكسة للعمل وهو في ذات الوقت الجناح الذي يطير بالعمل ليهبط في عقول وأذهان المتلقين والمتابعين. القائمة السوداء * في صفحة الأندية الأدبية على شبكة الفيسبوك هناك من يقول إن الدكتورعبدالله السلمي ومعه أحد رؤساء الأندية هما اللذان اقترحا على وكيل الوزارة ورؤساء الأندية وضع قائمة سوداء بأسماء منتقدي الأندية والعمل على مقاطعتهم. هل هذا الأمر صحيح؟ - لا أتصور أن أحداً سواء أكان رئيسا لنادٍ أم مسؤولا في الوزارة مهما كان موقعه بمقدوره أن يحرم مثقفاً مبدعاً من منابر هذه المؤسسات، وهي ليست ملكاً لأحد، وفي تصوري لم ولن يتم إقصاء أحد من المبدعين ما دام يسعى إلى تقديم إبداعاته، ويحترم هذه المنابر ويبتعد عن استغلالها للنيل من أشخاص أو أندية أدبية أخرى ويلتزم بأنظمة البلاد وتعاليمها. وأنا على يقين أن من يحمل مصطلح مثقف ويستحق أن يرتقي منابر مؤسسات الأدب والثقافة لا يقبل لنفسه أن يحيل هذه المنابر إلى تصفية حسابات. إن الشيء المتفق عليه الذي نتواصى به كرؤساء أندية في اجتماعاتنا الدورية أن نجعل أبواب هذه المؤسسات مشرعة لكل مثقف ومبدع بعيداً عن الشللية أو الانكفاء على النخبوية وكذا بعيداً عن المزايدة والانتقاص والازدراء وتصفية الحسابات. وعلى كل حال لدى قناعة شخصية أن أكثر من ينتقد الأندية ينطلق من طموحات ربما قصرت همة القائمين عنها أو منعهم شح الإمكانات عن تحقيقها، لكنها محل اهتمام وتقدير. والانتقاد يعد وقوداً للعمل أحيانا ومحفزاً عليه وجالباً للتحدي. ومتى كثر المصفقون والمؤيدون دون المنتقدين تقلصت فرص تجنب القصور وسد الخلل وإتمام النقص. * ما رأيك في عمل اللجان والمنتديات التابعة للنادي؟ وما مدى تحقيقها الأهداف التي يسعى النادي لإنجازها؟ -تناولت طرفاً من الإجابة عن هذا السؤال في سؤال سابق، لكنني أضيف أن النادي وقع قبل أيام اتفاقية دعم برنامج (جليس) مع عائلة الشربتلي وهناك الحلقة النقدية التي تضم أكبر النقاد في جدة ومنهم: سعيد السريحي ولمياء باعشن ومحمد ربيع ومحمد صالح الغامدي وعلي الشدوي وعبدالله الخطيب وعبدالله الغامدي وسحمي الهاجري ومراد مبروك وأعضاء مجلس الإدارة. وكذا جماعة حوار بقيادة ناجحة من حسن النعمي، ومنتدى عبقر والصالون النسائي وجماعة تراث، وكلها تتكامل في صياغة برامج ومناقشة قضايا وإحداث حراك تتطلبه المرحلة ويخلق جواً ثقافياً رائداً. اقتناص الفرص * بعد عامين من انتخابك رئيساً للنادي الأدبي في جدة ما الذي تود أن تقوله حول هذه التجربة؟ وما الصعوبات التي تواجه العمل الثقافي عامة؟ - هناك تحديات كبيرة وكثيرة والإخوة أعضاء مجلس الإدارة يدركونها، ومن أبرزها صعوبة اقتناص الفرص فنادي جدة على بوابة الحرمين ولا يصعب عليه الحصول على الضيوف الذين يحضرون للمناسبات الدينية ولكن العائق التنسيق مع الجهات الأخرى، كما أن عزوف بعض المثقفين في المرحلة السابقة عن الأندية بل طمسها من ذاكرتهم يفرض علينا إعادة تكريسها بمناشط تشبع نهمهم وتستجيب لمطالبهم، وقد نجحنا إلى حد ما في ذلك، نضيف إلى ذلك العوائق المادية فالميزانية مازالت شحيحة فنحن ندفع أكثر من ثمانين ألفاً شهريا بين الصيانة وسداد الفواتير عدا الرواتب، ولا يقال إن لديكم عشرة ملايين فما تبقى منها نطمح في صرفه على المناشط المتميزة والملتقيات والتبادل الثقافي ليحقق الغرض منه، كما أن أمامنا التحدي الأكبر وهو جعل النادي منبراً للشباب يغشونه كل حين يرعى مواهبهم ويحقق طموحاتهم وينمي انتماءهم ويصقل إبداعاتهم. ولدينا مشروع متكامل لذلك سنفصح عنه في حينه إضافة إلى مشروعي (طاقات وجليس والإصدار الأول) اللذين أشرنا إليهما. مقر النادي الأدبي في جدة