شهد المجلس التأسيسي التونسي أمس نقاشاً حول قانون تحصين الثورة «العزل السياسي» الذي ينص على حرمان جزء ممن تحملوا مسؤوليات في فترة حكم النظام السابق من المشاركة في الحياة السياسية لفترة محددة، يأتي ذلك وسط جدل كبير وتباين في الآراء داخل المجلس وخارجه بين من يعتبر هذا القانون ضمانة سياسية وقانونية لعدم إنتاج الاستبداد وعودة الفلول، ومن يعتبره إقصاءً لجزء من التونسيين وإزاحة لخصم سياسي. ورغم أن جلسة أمس اقتصرت على النقاش العام للمشروع دون البت فيه فصلاً فصلاً، إلا أنها سجلت عديداً من الخلافات والتباين في الآراء مثلما كان متوقعاً. وقال النائب عن حركة النهضة الإسلامية، وليد البناني، إن هذا القانون سيُناقَش في جلسة علنية وتوقَّع المصادقة عليه. وحذر البناني من «أن منظومة الفساد بدأت تنظم نفسها من جديد وتخطط في العلن للعودة إلى الحكم»، بينما اعترض النائب هشام حسني على بعض الإجراءات الشكلية وطريقة عرض القانون على المجلس التأسيسي، ونبَّه إلى أنه يُوظَّف لمقايضات ومساومات سياسية. وفي سياق متصل، احتج أمام المجلس التأسيسي عددٌ من أعضاء رابطة حماية الثورة مطالبين بتمرير القانون، وقاموا بالاعتداء على أحد الصحفيين وهو عدنان الشواشي من قناة «برس تي في» أثناء تغطيته لوقفتهم أمام «التأسيسي» كما هشَّموا الكاميرا الخاصة به مما أوقف أشغال الجلسة العامة لفترة، وسط احتجاج عدد من النواب على سلوك رابطة حماية الثورة وهي محسوبة على حركة النهضة، ويتهمها جزء مهم من المعارضة والمجتمع المدني بممارسة العنف السياسي ويطالبون بحلها. ويذكر أن قانون تحصين الثورة تتبناه وتدافع عنه الأطراف المشكلة للائتلاف الحاكم، وأبرزها حزبا المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة النهضة وبعض المساندين لهم من الأحزاب والنواب، في حين يعارضه بشدة ائتلاف الاتحاد من أجل تونس المكون من خمسة أحزاب معارضة في مقدمتها حزب نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الأسبق وأحد المشمولين بالعزل، الذي تقدم محاموه بقضية عدلية للتصدي لهذا القانون. وكان الاتحاد من أجل تونس عقد أمس الأول ندوة صحفية اعتبر خلالها ممثلوه أن مشروع تحصين الثورة غير قانوني ويتعارض مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.