ما زالت صناعة «العقال»، تتم بأيدي الحرفيين في قلب العاصمة الرياض، فعلى الرغم من أن المملكة تستورد ما يقارب مليوني عقال من الخارج كل عام، بقيمة تصل إلى مائة مليون ريال، ويمثل العقال المستورد 70 % من الاستهلاك المحلي، لم يزل العديد من حرفيي سوق الديرة، يحافظون على صناعة «العُقل» يدوياً، حيث تضم «الديرة « أكثر من 25 محلا لصناعة العقال. وما أن تدخل إحدى هذه المحلات «الكلاسيكية» حتى تشم رائحة الصوف، وتلمح ماكينة يدوية لا تشبه مثيلاتها في بقية المحلات، فلكل حرفي طريقته وأدواته وماكينته الخاصة في صناعة «العقال». ويقول «شيخ العُقل» أبو بسوم الذي كان منشغلاً ببرم الخيوط المصنوعة من الصوف الطبيعي أو الحرير والنايلون، باستخدام «الدريل»: « صنعت هذه الماكينة بنفسي قبل 24 عاماً، وما زلت أعمل عليها، وهكذا تتم صناعة العقال فبعد إتمام عملية «البرم»، وتجميع الخيوط من خلال الماكينة، أقوم بعمل «التدريسة» التي تشكل عقدة العقال، و»التدريسة» هي التي تميز أصحاب الخبرة عن غيرهم». وأكد أبو بسوم إن الصوف الطبيعي «المرعز» هو أفضل أنواع الخيوط بدليل شم رائحة تشبه رائحة احتراق الشعر « الشواط». ولم ينكر أبو بسوم أنه أحيانا يبيع العقال بقيمة 35 ريالا، ويبيع النوع نفسه لزبون آخر بقيمة 500 ريال، معللاً ذلك بعدم قناعة الزبون بجودة البضاعة إلا إذا كان سعرها مرتفعا، ففي يوم من الأيام كان العقال بريالين ونصف الريال، ورغم ذلك لديّ زبائن يقومون بتغيير العقال كل جمعة». ويضيف أحمد غسان قائلاً» إن العقال المصنوع يدوياً يحظى بطلب متزايد، كما أن عائده مجزٍ يغطي المصاريف وتكاليف الخام، وعلى الرغم من أن الإيجار السنوي للمحل74 ألف ريال، إلا أن بيع الجملة على الكثير من المحلات المتناثرة في الرياض يحقق لنا أرباحاً مناسبة، وبحمد الله بضاعتي تصل إلى الأحساء والدمام وعرعر والطائف». ويتصدر الصوف الطبيعي القوة الشرائية من الأعمار كافة، لتميزه بالثبات على الرأس وإمكانية استخدامه لفترة أطول على عكس «الحرير الملكي»، الذي كان المطلب الأول لمرتادي أسواق الديرة، إلا أن عبد الرحمن الزهراني اختار أن يهدي لطفله «العقال المقصب» المربع الشكل، الذي كان مقصوراً على «علية القوم مثل شيخ القبيلة أو أميرها، و كان يغمس بماء الذهب ليميزه عن غيره من الناس». يذكر أن العقال يعد رمزاً من رموز الجمال في الزي الخليجي وموروثا تاريخيا ولا تكتمل أناقة الرجل السعودي إلا بتقوقع العقال على الرأس مشتركا مع الغترة أو الشماغ في هذه الخاصية، ومع كثرة الطلب المتزايد على العقال في المناسبات الاجتماعية، خصصت بعض المحال نشاطها من أجل ممارسة صناعة العقل فقط تلبية للرغبات والأمزجة التي تختلف حسب طلبه لنوعية العقال.