أعاد مقتل جنديَّين تونسيَّين وإصابة اثنين آخرَين في انفجار لغم أمس الأول في جبل الشعانبي، وسط البلاد، ملف الإرهاب إلى صدارة المشهد السياسي التونسي. ورغم وقوع عدة انفجارات سابقاً في الشعانبي، إلا أن التطور الجديد تمثَّل في خطورة اللغم الذي انفجر، إضافة إلى كونه زُرِعَ في منطقة سكنية خارج المنطقة المعزولة عسكرياً، التي يجري فيها تعقُّب المسلحين، ما اعتُبِرَ تطوراً نوعياً في عمليات هذه الجماعات المتطرفة، ومؤشراً على اكتسابها قدرة فائقة على الاختراق والتسلل رغم الحصار المفروض عليها، وهو ما ضاعَف الجدل حول الملف الأمني بين مختلف المعنيين. وبعد الانفجار الذي أدى إلى مقتل جنديَّين، عمَّت حالة من الاستياء والغضب مدينة القصرين، وخرج الأهالي في مسيرة ساخطة رافعين شعارات مندِّدة بالإرهاب ومطالبة بكشف الحقيقة. كما تكرَّرت الوقفات الاحتجاجية التي تنتقد ما سمَّته «التعامل البدائي وغير الحازم» مع ظاهرة الانفجارات، وفشل كل عمليات التمشيط التي عرفتها المنطقة المُلغمة في الإمساك بالإرهابيين، في حين ذهب آخرون إلى اعتبار ما يحصل في الشعانبي مسرحية لابد أن تتوقف، وأن الأحداث رافقتها تفاصيل غريبة وملابسات يصعب تصديقها، على غرار زرع اللغم الأخير في منطقةٍ أكد جميع ساكنيها أنهم لم يلحظوا أثراً لمن زرع تلك الألغام. ورغم طبيعة عملهم الذي يفرض عليهم التكتُّم وتجنُّب التصريحات، فإن عديداً من العسكريين والأمنيين الموجودين في الشعانبي لم يترددوا في الإشارة إلى تقصير القيادة العسكرية ورداءة الظروف التي يعملون فيها في ظل غياب المعدات الضرورية والأعداد اللازمة، وهو ما رفضه الناطق باسم وزارة الدفاع التونسية العميد مختار بن نصر، الذي انتقد ما سماها إشاعات وتصريحات منفلتة «لا تقل خطورة عن الألغام»، حسب تعبيره. ورأى بن نصر أن هذا التعامل اللامسؤول مع الأحداث الأمنية الخطيرة من شأنه أن يُربك المعنويات ويعقِّد المهمة المتمثلة في القضاء على المجموعات الإرهابية وتطهير جبل الشعانبي وجميع المرتفعات والمناطق الحدودية من الإرهاب، وفرض سيادة الدولة على التراب التونسي كاملاً. وقال العميد مختار بن نصر في ذات السياق «نطالب وسائل الإعلام بالتثبُّت ونشر المعلومة من مصدرها، وللمشككين في أحداث الشعانبي أقول: اتقوا الله في العسكريين والأمنيين ولا تتاجروا بأرواحهم». بدوره، قال القيادي في حركة النهضة الإسلامية الشيخ عبدالفتاح مورو، إنه «تمّ وضع عناصر الجيش والحرس الوطني في مواجهة حرب عصابات مع نقص واضح في المعدات والتعزيزات تسبَّب في موتهم».