تتواصل في تونس عمليات التمشيط في جبل الشعانبي بمحافظة القصرين غرب البلاد، بحثاً عن مسلحين متحصنين في هذه المنطقة المحاذية للجزائر وذات التضاريس الصعبة. وما يزيد من صعوبة البحث عن هؤلاء الذي قالت السلطات إنهم يتبعون تنظيم «القاعدة»، أنهم زرعوا ألغاماً لإعاقة تقدم القوات المسلحة التونسية التي أصيب عدد من أفرادها بجروح خطيرة خلال تعقب المتشددين خلال الأيام القليلة الماضية. وتعيش تونس منذ بداية الشهر الجاري حال ترقب لما ستسفر عنه العمليات العسكرية في القصرين، وسط خشية من فشل الموسم السياحي ومن انتشار السلاح في البلاد. وزار رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي أمس، بصحبة قائد أركان الجيوش رشيد عمار، منطقة جبل الشعانبي التي أعلنتها القوات المسلحة منطقة عسكرية مغلقة وذلك للاطلاع على العمليات العسكرية هناك والرفع من معنويات الجنود. وقد سجل في الأيام الأخيرة انفجار 4 ألغام تسببت في إصابات خطيرة في صفوف الجيش وقوات الحرس نتجت عنها إعاقات جسدية. وارتفع عدد المصابين منذ بداية عمليات التمشيط إلى 17 من عناصر الجيش والشرطة. ووفق التقارير الأمنية والعسكرية فإن الألغام التي انفجرت في جبل الشعانبي، على رغم أنها بدائيّة الصنع، فإنها وُضعت بطريقة محترفة من طرف عناصر إرهابيّة فاجأت الوحدات المختصة في تفجير الألغام، خصوصاً أن الجيش التونسي لم يعتد على مثل هذا النوع من المواجهات. وأكد الناطق باسم وزارة الدفاع مختار بن نصر أن الألغام التي زرعتها المجموعة المسلحة في الشعانبي مصنوعة من مادة «الأمونيتر»، ما يشكل صعوبة في أن تكتشفها الأجهزة التي يستعملها الجيش والحرس الوطني. وأوضح أن عمليات التمشيط انطلقت بالأساس يوم 29 نيسان (أبريل) الماضي وهي متواصلة، مشيراً إلى أن قوات الأمن اكتشفت الأسبوع الماضي مخبأ يحتوي على أشرطة وكتب تفسّر كيفية صنع المتفجرات التقليدية. ولفت إلى أن الألغام «وُضعت بإحكام ودقة من الإرهابيين وفي أماكن خفية». لكنه أعلن «تدمير 16 مخبأ كان يعتمدها المسلحون الموجودون هناك لإدارة عملية التخطيط والتنسيق في ما بينهم». وأكد الناطق باسم وزارة الدفاع أنه لا يمكن في هذه المرحلة تحديد موعد لانتهاء الحسم مع «الإرهابيين» المختفين في الشعانبي. وكشف الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي، خلال ندوة صحافية، أن المجموعات الإرهابية التي تتم ملاحقتها تضم جزائريين، لكنه رفض تحديد عددهم، مؤكداً أن هذه المجموعات على علاقة بمجموعة إرهابية أعلنت السلطات كشفها في البلاد في العام الماضي. كما أفاد العروي أن عدد الإرهابيين الإجمالي في جبل الشعانبي حوالى 20 شخصاً، لكنه أشار إلى ملاحقة مجموعة أخرى في الوقت نفسه في الكاف (محافظة حدودية قريبة من جبل الشعانبي) متكونة من 15 شخصاً. وأضاف أن وزارة الداخلية القت القبض أخيراً على 37 شخصاً من المتورطين ضمن هذه المجموعات الناشطة في جبل الشعانبي، مؤكداً نجاح قوات الأمن في إحباط «مخطط إرهابي» كان يستهدف تونس. وأردف: «لقد قمنا بعزلهما (المجموعتين)، واعتقلنا (أول من) أمس الشخص الرئيسي الذي كان يزود مجموعة الشعانبي بالمواد الغذائية». ووف تقارير أمنية فإن المجموعة المسلحة التي تتم ملاحقتها في الشعانبي تابعة لما يُعرف «كتيبة عقبة بن نافع» المنتمية إلى «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، وإنها اختارت هذه المنطقة الوعرة والكثيفة الغابات لإقامة قاعدة لوجيستية خلفية فيها ضمن خطة للانتشار عبر التراب التونسي وتيسير عملية التوسع شيئاً فشيئاً لتنفيذ أعمال إرهابية في البلاد، وفي الوقت نفسه لتكون المنطقة منطلقاً لعمليات مماثلة في الجزائر بعد تشديد الجيش الجزائري الخناق على الجماعات المسلحة الناشطة هناك.