من الطبيعي أن يُحدث تعيين الشيخ عبداللطيف آل الشيخ رئيساً عاماً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جدلاً واسعاً في المجتمع السعودي. ومن الطبيعي أن تصل الاختلافات حدّ التضادّ، ففي النهاية هناك الطبيعة البشرية المحكومة بالاختلافات. ولكن ما يتفق عليه الجميع هو مبدأ العمل في الهيئة التي يحترمها المجتمع السعودي بصفة عامة، ولا يرون غضاضة في مبادئها، بل يختلفون في أسلوب أدائها وطريقة عملها، وطبيعة علاقتها بالشارع. وهذا هو مربط الفرس في مسألة الهيئة، فالناس يتقبّلونها كمؤسسة حكومية ذات مسؤولية. ونقد الناقدين لها يكاد لا يتجاوز الأساليب التي ينتهجها أفراد فيها، وبعض هذه الأساليب كان له انعكاسات سلبية على جهاز الهيئة من جهة وعلى المجتمع أيضاً. ولذلك، فإن المرحّبين بتعيين آل الشيخ على رأس هرم هذا الجهاز، مصدره الرغبة الصادقة في أن يكون جهاز الهيئة عوناً للمجتمع وحامياً له، لا حامياً لاجتهادات خاطئة تصدر عن أفراد في هذه المدينة أو تلك. المجتمع يريد علاقة طيبة مع الهيئة كغيرها من الأجهزة، علاقة تقوم على الأمر بالمعروف ب «المعروف» والنهي عن المنكر «بلا منكر»، أي أن يكون عضو الهيئة معبّراً عن سماحة الدين ومراعياً للأمور الخلافية، لا فارضاً لرؤيته وحده. وعلى مدى السنوات الماضية؛ أنجزت الدولة الكثير من التشريعات والتنظيمات الخاصة بالاختصاصات الإجرائية التي تمثّل الهيئة طرفاً في بعضها. ومن المهم أن يمارس آل الشيخ صلاحياته النظامية بما يجعل من إجراءات الهيئة جزءاً طبيعياً ومنسجماً مع إجراءات الأجهزة الأخرى، بل ويفرض قاعدة «بالحكمة والموعظة الحسنة» في جميع مفاصل هذه المؤسسة المهمة. المطلوب هو جسر بين الهيئة وبين الناس، علاقة طبيعية وقائمة على «حسن الظن» في الأبرياء، وتحاشي إحراجهم في مواقف تمسّ كرامتهم وخصوصيتهم النظيفة. علاقة تكون فيها الهيئة «هيئة» لا سلطة فردية يمارسها عضو عَرَفَ شيئاً وغابت عنه أشياء. وآل الشيخ المعروف بهدوئه وسعة أفقه ولباقته رجلٌ مشهودٌ له بالخير والصلاح والاستقامة، ولديه من المرونة ما يعينه على فرض أسلوبه ليكون نموذجاً في كل مكان من بلادنا.