واصل المخرج الإيراني بهمن غوبادي جرأته بفتح التابوهات الإيرانية المغلقة التي عكف على التنبيش فيها طوال فترة مسيرته، مما تسبب في نفيه من بلده، بعد إخراجه فيلماً اتهم فيه الثورة الإيرانية في نهاية سبعينيات القرن الماضي، بأنها كانت أشبه بالمصفاة التي طالت المثقفين والأدباء والشعراء الإيرانيين. يروي فيلم «موسم وحيد القرن» لغوبادي قصة الشاعر سهيل، أو ساهل، الذي يخرج من السجن بعد أن أمضى فيه ثلاثين عاماً من التعذيب والمرارة بسبب اتهامه بكتابة قصائد سياسية ضد الثورة الإسلامية الإيرانية وضد حكومة الشاة. يمضي سهيل باحثاً عن زوجته مينا «مونيكا بيلوتشي»، التي تم سجنها أيضاً بتهمة التواطؤ مع زوجها، ولكنها خرجت بعد مضي خمس سنوات، ويجد نفسه محاصراً بنوائب الحياة والشيخوخة، ومرارة الذكريات، التي ذاقها في السجن، كما يجد نفسه ملزماً بالبحث ومراقبة حياة زوجته، التي توهمت أن زوجها قد مات في السجن منذ زمن بعيد. يصور غوبادي فترة الضياع اللاشعورية التي يمر بها كلٌّ من سهيل وزوجته وأولادهما بسرد درامي ممتلئ بالخطوط الواسعة التي تترك فسحة لتأمُّل هذه المأساة، وتولِّد التعاطف والانسجام الحميمي مع تفاصيل الأحداث، ويوثِّق هذه الأحداث بتصوير بصري ليحدَّ من مأساة الصورة قليلاً، ويخفف الوطء بأداء شاعري. واختار غوبادي الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي لتؤدي دور «مينا»، وجعلها تتدرب لتتقن اللغة الفارسية فقدمت أداءً رائعاً.