غلاف رواية «الرسام شفيق» (الشرق) جدة – عبدالعزيز الخزام واجهت صعوبة في البعد عن البذاءة.. والكتابة للناشئة مهمة خطرة واقع الكتابة للأطفال بائس جداً.. وليس لدينا سوى محاولات فاجأ الروائي طاهر الزهراني المشهد الثقافي مؤخرا بنشر رواية جديدة، ولكن للفتيان هذه المرة، وذلك بعد ثلاثة أعمال روائية تصنف (للكبار!): «جانجي»، «نحو الجنوب»، و»أطفال السبيل». هنا حوار مع الزهراني حول هذه الخطوة الجديدة في مشواره الإبداعي، يتحدث فيه عن ظروف نشر رواية «الرسام شفيق»، والصعوبات التي واجهته خلال مراحل كتابتها، وكذلك عن رؤيته لواقع أدب الطفل والناشئة في المملكة. طاهر الزهراني رواية للفتيان * بعد عدة أعمال روائية (للكبار!) فاجأت القراء بنشر رواية للفتيان.. لماذا؟ وهل تراهن على مثل هذه النوعية من الأعمال؟ - بدأت في كتابة هذه الرواية عام 2005م، كتبتها بنوع من الشغف واللامبالاة، وبشكل مستمر، وبلغة بسيطة جداً، ركزت فيها على الموهبة بشكل كبير.ثم تركت العمل جانباً، وبعد سنوات قرأت المسودة مرة أخرى، طبعاً تغيرت نظرتي للفن والكتابة، حتى لغتي تغيرت أيضاً، لكن بقيت هذه المسودة كما هي، وكنت مقتنعاً بهذا العمل بصورته البسيطة والمختلفة، وفكرته الحميمة، أما بالنسبة للنشر فقد كنت متردداً بالفعل، من يهتم بهذا اللون من الكتابة. لكن بعد صدور الرواية بهذه الصورة، التي تخالف معايير كتب الفتيان من ناحية الإخراج، رغم هذا وجدت انطباعات من بعض الآباء جميلة، بل إن بعضهم قال إن ابنه لأول مرة في حياته يقرأ كتابا غير كتب المدرسة، فرغم كل الملهيات، إلا أن القراءة والكتاب له واقع سحري، وهناك شغف هائل عند هذه الشريحة، نعم أراهن على مثل هذا النوع من الأعمال في ظل وجود كتّاب جيدين ودور نشر متخصصة للأطفال والناشئة. صفحة بيضاء * لماذا لم تكتب اسمك صراحة على الغلاف؟ لماذا (طاهر أحمد) فقط؟ هل للأمر علاقة بكونك ترددت فعلا في نشر هذا العمل؟ - لا.. ليس للنشر علاقة بالموضوع، لم أدون على وجه الغلاف قبيلتي لأني أريد من القارئ المقصود أن يقرأ دون خلفية مسبقة عني وعن أعمالي الأخرى، أريده أن يقرأ بعيداً عن أي خلفية مناطقية أو إقليمية.. كنت أرغب في صفحة بيضاء ليس إلا! – قلت إنك تعبت كثيرا في تطبيق بعض المعايير الفنية الخاصة في هذا العمل، فهل ثمة تنازلات قدمتها في هذا السياق؟ – سبقني في النشر في هذا الفن الصديق علي المجنوني، فقد أصدر حينها روايته (إجازة الشمس) وقد تحدثت معه عن فكرة العمل كان متحمساً لها، ثم أرسلت له المسودة تناقشنا حولها كثيراً، اتفقنا أنه في حالة إذا صنفت الرواية للأطفال لا بد في هذه الحالة أن أراعي بعض المعايير التي لا بد من توفرها في هذا النوع من الكتابة، طبعاً عكفت على تنقيح الرواية من جديد بحيث تكون مناسبة للفئة العمرية التي ستوجه لهم، راعيت تلطيف بعض العبارات، وتكريس بعض القيم والأخلاق والمواهب والسلوكيات الحسنة، البعد عن الفحش والبذاءة التي قد تعودت عليها من قبل، الكتابة لهذه الشريحة تحديدا أمر في غاية الأهمية والخطورة، فلابد أولاً مراعاة المعايير لهذا الفن بخلاف الكتابة للكبار، فالإنسان الكبير يملك وعياً ونقداً، ولا يسلم بالكلية، ويملك وجهة نظر ونقداً بخلاف الأطفال والناشئة، رغم أن هذه الشريحة تتمتع بذكاء، وأسئلة مخاتلة وغير متوقعة أحياناً. صعوبات حقيقية * من خلال حديثك عن سطوة الرقيب الذي بداخلك خلال كتابة هذه الرواية، بدا لي أنك تريد القول إن الكتابة للكبار هي أكثر سهولة ومتعة، هل هذا صحيح؟ ما أبرز الصعوبات التي واجهتك في هذا العمل؟ وهل ستكرر التجربة؟ - بلا شك، الكتابة للكبار سهلة كون الكاتب يكتب بكل حرية وتحرر، وقد وجدت صعوبة حقيقة في هذه التجربة، أن تكتب وللرقيب سطوة هائلة عليك، تعبت كثيرا في هذه الرواية، وبعد صياغتها مرة بعد مرة وجدت أنها مناسبة جداً للفتيان وهنا سأجد فسحة للتحرر نوعاً ما. راجعت المسودة عشرات المرات، في كل مرة أشطب، وأحسن، وألطّف، حتى وصلت إلى ما يرضي، وهذا له ضريبة فكان من الضروري أن أتحلى بالشجاعة لأتخلص من نصف العمل!من أبرز الصعوبات التي واجهتها في هذا العمل، أني عندما انتهيت من الرواية، بحثت عن دور متخصصة في أدب الطفل والناشئة، لكن مع الأسف الدور في العالم العربي قليلة جداً، وبعض الدور رفضت العمل، وبعضها طالب بمبالغ خيالية، أخذ هذا بصراحة فترة طويلة من الوقت، في النهاية وعندما لم أجد سبيلاً لنشره بالطريقة التي أريد، بعثته لنادي الباحة لنشره، وفعلاً نشر بالتعاون مع دار الانتشار العربي، وصدر بداية هذا العام بهذه الصورة التي لست راضياً عنها تمام الرضا -أقصد من ناحية الشكل والإخراج- أعترف أني غامرت في هذا النوع من الكتابة، وأعترف أيضاً أن هذا النوع تحديدا من الكتابة أثر عليّ من ناحية مراعاة الآداب وتلطيف الجمل، والتقشف من البذاءة والفحش -إن صح التعبير- ولا أدري هل سأكرر هذه التجربة مرة أخرى أم لا، لنرى أصداء هذا العمل أولاً. واقع بائس * كيف تقيم واقع الكتابة للأطفال والفتيان في المملكة؟ - واقع الكتابة للأطفال والناشئة عندنا بائس جداً، هناك محاولات فقط، لم يكتب شيء جاد ومناسب حتى الآن إلا بعض الإصدارات الخاصة بالأطفال التي صدرت من دار (كادي ورمادي) وهي دار متخصصة في أدب الطفل تحديدا، ومن أجمل ما قرأت رواية (إجازة الشمس) للكاتب علي المجنوني، وهي أول رواية سعودية للأطفال، أما بخصوص الفتيان، فقد قرأت أيضاً للروائي يوسف المحيميد رواية للفتيان صدرت مؤخراً بعنوان: (رحلة الفتى النجدي)، وهذا لا يكفي مع الأسف لا يوجد إلا نزر قليل من الأعمال، وبعضها يعاني ضعفاً في الفن والمضمون والمعايير، الأمر الآخر لا يوجد دار متخصصة في هذا الفن بالتحديد ولهذا حتى وإن كان هناك من يكتب فإن شح الدور المتخصصة عقبة ليست سهلة، فكتب الأطفال والفتيان تحتاج إلى إخراج خاص مختلف عن أعمال الكبار، من ناحية الشكل والصف والرسوم وغيرها من الأمور الفنية والإخراجية. أكرر الوضع لا يشجع إلا في حالة توفر مثل هذه الدور.