قال الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، إنه لا يمكن القبول بالتلميحات التي تُثار حول تعديل مبادرة السلام التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 2002، مؤكداً عدم وجود تصور لخطة بديلة لمبادرة السلام العربية المطروحة. وأكد العربي، خلال حوار شامل نظمه منتدى الإعلام العربي عقب افتتاحه في فندق جراند حياة في دبي أمس، أن هناك حاجة لتعديل ميثاق الجامعة العربية لجعل قراراتها ملزمة، مضيفاً أن 99% من قرارات المنظمات الدولية لا تنفّذ. وقال أمام حشد كبير من الإعلاميين والمهتمين «إن اللغة والثقافة قاسمان مشتركان بين العرب، بينما تشهد قواسم السياسة غياباً، الأمر الذي يعطل القدرة على تنفيذ القرارات». وأوضح العربي في الحوار الذي أدارته الإعلامية زينة يازجي، أن موقف الجامعة العربية من مختلف القضايا ما هو إلا انعكاس لمواقف الدول الأعضاء، في حين لا تمتلك الجامعة موقفاً خاصاً بها، مؤكداً أن ميثاق الجامعة تم إقراره في الإسكندرية عام 1944 قبل نشأة الأممالمتحدة، ليجعل من الجامعة تنتمي إلى الجيل الأول من المنظمات الدولية. ورأى العربي أهمية تعديل ميثاق الجامعة العربية ليكون هناك قدر من المسؤولية والمساءلة بالنسبة لقرارات الجامعة، مؤكداً أنه في الوقت الحالي لا توجد سلطة في العالم قادرة على وضع القرارات موضع التنفيذ سوى «مجلس الأمن». كما بيّن الأمين العام للجامعة العربية أن الاجتماع الدولي بشأن سوريا الذي يدور الحديث عنه الآن من شأنه التوصل إلى تسوية شرط أن ينعقد هذا الاجتماع، مؤكداً على موقف العرب والجامعة العربية الرافض لاستمرار العنف في سوريا. وحول ظاهرة الربيع العربي التي اجتاحت دولاً عربية عدة، وصف العربي هذا الحراك بأنه تطور تاريخي طبيعي في تلك الدول، مؤكداً أن هذه الظاهرة توجب علينا استخلاص العبر والدروس بضرورة إجراء تغيير إيجابي حقيقي في مجمل العالم العربي، وهو يحدث حالياً في عديد من الدول العربية. إعلام المراحل الانتقالية وعُقدت خلال فعاليات اليوم الأول للمنتدى جلسة «إعلام المراحل الانتقالية.. متطلبات التطوير»، أدارها توفيق مجيد، حيث اتفق المشاركون فيها على أن الإعلام في المنطقة يعاني من فوضى لغياب الضوابط التي تحدد وجهته، ورأوا أن الاعلام التقليدي فقد هيبته وقيمته، بينما أصبح الإعلام الجديد هو صاحب مبادرة السبق لما يتيحه من مميزات. وقالت الكاتبة والإعلامية الليبية حاملينها البرعصي إن الإعلام له الفضل في إنجاح الثورة في بلادها، وأكدت أن الإعلام وخصوصاً العربي منه قد أسهم كثيراً في نقل الحالة الليبية، حيث معظم الأحداث في ليبيا كانت واقعية وليست من صناعة الإعلام، واستطاع هذا الإعلام أن يجابه المقاومة الشرسة للنظام وقتها حتى تحقق للثورة الليبية أهدافها. وحول الوضع حالياً، قالت إن الفوضى هي عنوان المرحلة، فمعظم العاملين في القنوات والمؤسسات الإعلامية في الساحة هم من المبتدئين الذين يفتقدون المهنية والكفاءة. وابتدأ أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور خالد الفرم، حديثه باعتبار أن سقوط الأنظمة السياسية العربية أفضى إلى سقوط الأنظمة الإعلامية بشكلها الكلاسيكي، مشيراً إلى أن هناك وسائل ومنتجات جديدة برزت على الساحة تعبر عن هموم المواطنين، والثورة الحديثة في شبكات التواصل الاجتماعي أتاحت فرصة كبيرة لكل هؤلاء حتى يمارسوا العمل الإعلامي والتواصل المباشر. وأشار الفرم إلى أن من محركات الأزمة سيطرة رجال المال والدين والسياسة على الإعلام وأغلب القنوات الفضائية غير الرسمية، مؤكداً أن غياب التقويم المهني ساعد في فوضى الإعلام، وطالب باستحداث مجالس أمناء للمؤسسات الإعلامية وتنمية الإعلام الشعبي، مشيراً إلى أن إصلاح الإعلام هو جزء من التحول الديمقراطي. كما تحدث خلال الجلسة كل من وزير الدولة لشؤون الاتصال والإعلام الأسبق في الأردن راكان المجالي، وبيّن أن الإعلام العربي يعاني الانفجار في التعاطي مع التقنيات الحديثة. وطالب المجالي الإعلاميين العرب بمراجعة النفس للوقوف أمام الذات المهنية أولاً، حيث تعرّض الإعلام لتحدٍّ كبير دون أن يقوى على مواجهة المتغيرات. ورأى رئيس الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال بتونس كمال العبيدي، أن الانفلات الإعلامي العربي ليس بدعة عربية بل شاهدناه في أوروبا الشرقية عند التحول وكذلك في أمريكا اللاتينية، وهذا ما عارضه فيه الكاتب والصحفي سمير عطاالله بقوله الانفلات المَعيش حالياً هو احتكار وصناعة عربية بامتياز. واختتم الخبير الإعلامي المصري ياسر عبدالعزيز الجلسة منتقداً جلد الذات للإعلام العربي وتوجيه لغة الحوار إلى الأشياء السلبية، واقترح أن يكون السؤال هو «كيف ننظم الإعلام العربي ليكون أكثر حرية وأكثر نجاحاً؟».