جدة – تهاني البقمي آل طاوي: تشكيل لجنة لدراسة حال الأربطة لإعادة تأهيلها عندما قامت «الشرق» بجولة ميدانية على عدد من «الأربطة الخيرية» في منطقة البلد بجدة لاحظت فقدانها وسائل السلامة والصيانة الدورية. فيما الأبواب مشرعة في ظل عدم وجود حراس أمن على أبوابها لحماية نزيلاتها، فضلاً عن امتلائها بالحشرات والفئران والأغبرة والروائح الكريهة التي لا توحي بوجود حياة آدمية كريمة بها. وإذا ما أضفنا إلى هذا الجو الكئيب، المعاناة التي تتكبدها نزيلات «الأربطة» حينها تكتمل المأساة لتسطر قصصاً مليئة بالأوجاع. «أربطة» التكافل والأربطة الخيرية تعد من مظاهر التكافل الاجتماعي، وتكون مخصصة للأرامل والمطلقات، اللاتي أجبرتهن الظروف للوجود في هذه المساكن التي شيدت قبل عشرات السنين، وتعد وقفاً خيرياً من قبل ملاكها، فنلاحظ أن بعضها تسمى باسم المالك، وهي بمنزلة دور رعاية المسنين التابعة للجمعيات الخيرية مع الفارق. ننتظر أهل الخير البداية كانت من «رباط الولاية» يضم ما يقارب 11 مسنة، جميعهن أجنبيات من جنسيات مختلفة ينتظرن أهل الخير كل يوم لعله يأتي من يسليهن ويُحضر بعضاً مما يحتجنه. أم محمد «57 عاماً» غير سعودية، أبدت قلقها من حالات السرقة في المساكن القريبة، وقالت ل «الشرق» سمعنا عن حالات سرقة في الحي، ونخاف أن يأتي علينا الدور، على الرغم من أننا لا نملك شيئاً، لكن الخوف والهلع يسيطر علينا، فنحن ضعيفات، وليس هناك من يحمينا أو يخفف علينا. مضيفةً: المبنى في حالة متهالكة، وقد تعودنا على شكله، ولكننا نخاف انهياره علينا في أي وقت. أولادي تركوني هنا فيما اشتكت المسنة هنية محمد «76 عاماً» غير سعودية من تهالك المبنى وتصدع جدرانه، وضيق الغرف واصطفافها بجانب بعضها، وفقدانها للأنوار التي تظلم كلما عتم عليها الليل، وقالت: إن هذا المنظر يشعرنا بالكآبة والوحدة والحاجة إلى من يحس بآلامنا. وأوضحت إحدى المسنات، أم مصطفى، غير سعودية أيضاً، أن أولادها هم سبب معاناتها، وقالت: «حسبي الله على أبنائي هم من رموني هنا» مضيفة: أبنائي تركوني منذ ما يقارب العشرين سنة، ولم يذكروني يوماً بين جدران الرباط. مشيرة إلى أنها لا تستطيع شراء أدويتها التي تحتاجها، وأنها مصابة بالضغط والسكر، وقالت: لا أعرف كيف أتصرف، وأنا في هذا العمر إذا ما داهمني طارئ أو ارتفاع الضغط أو السكر بشكل مفاجئ مع عدم وجود الأدوية؟. أما «رباط المغربي» فيضم ما يقارب 14 مسنة أجنبية من جنسيات مختلفة، باستثناء واحدة سعودية، ولم يختلف حاله عن رباط الولاية في سوء نظافته، وحاجة قاطنيه للأنس والدواء، حيث تشتكي عائشة سرور «50عاماً» غير سعودية، من تعفن الرباط، وتجمع الأتربة والقاذورات في جنباته، بالإضافة إلى بعض الأدوات الخشبية والكهربائية والأسرة التي تراكم عليها الغبار، مشيرة إلى أن النزيلات هن مسنات وغير قادرات على تنظيف المكان والاهتمام به. وعلى الرغم من أن أهل الخير هم المصدر الوحيد كما تقول عائشة، وأنهم الأمل الوحيد في إعطائهم الصدقات والأدوية، إلا أنها أشارت بقولها: إننا لا نعرفهم سوى في الأعياد والمناسبات، وقليلاً ما نجدهم بين فترة وأخرى في صباحات مباركة. عقوق الوالدين وتبقى أم فهيد «90 عاماً» هي المسنة الوحيدة بين الأجنبيات، وقد أصابها الخرف ولم تعد تتذكر سوى اسم ابنها الذي وضعها قبل أربعين عاماً، وكانت آخر زيارة لها قبل خمسة أعوام ليأخذها معه منزله. وفي تناقض محير لعقوق الوالدين، أحضر لها الابن خادمة وغرفة مجهزة بجميع ما تحتاجه في الرباط بينما تركها وحيدة، بحسب ما نقل عنها بعض المسنات ممن يجاورنها خلال السنوات الماضية. دراسة وضع «الأربطة» عبدالله آل طاوي من جانبه، أوضح مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة عبدالله آل طاوي ل «الشرق» أن دور الشؤون الاجتماعية يقتصر على تقديم الخدمة الاجتماعية لقاطني الأربطة الخيرية، من حيث دراسة الحالات الموجودة، وتقييد من يستحق إلحاقه في الضمان الاجتماعي، ومن يحتاج إلى مساعدات تقدم له عن طريق الجمعيات الخيرية، وبحسب توجيهات محافظ جدة ورئيس المجلس المحلي صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد، بتشكيل لجنة اجتماعية لدراسة حال الأربطة وساكنيها، وتم الانتهاء من إعداد تقرير مفصل وتسليمه إلى سموه وبه ما يحتاج من إعادة تأهيل لبعض الأربطة، وترميم البعض الآخر لتصحيح أوضاعها، بينما المعني بالأربطة الخيرية وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، ويقتصر تقديمنا الخدمة الاجتماعية على من ينطبق عليه النظام فقط بالنسبة لسكن غير السعوديين فيها.