لا تكاد تُذكر المراهقة لفظاً إلا ويقترن ذكرها بذلك السلوك المضطرب وتلك التصرفات المتهورة، ويأتي ذلك كنتيجة طبيعية كون كثير من الآباء والأمهات قد جعلوا منها مبرراً لكثير من التجاوزات التي يقوم بها أبناؤهم بسبب سوء فهم هذه المرحلة العمرية ودورها في حياة الإنسان، التي أكاد أجزم بأنها بريئة مما ينسب إليها، فالمراهقة في علم النفس تعريفاً هي مرحلة برزخية تمثل نهاية الطفولة وبداية النضوج ويكون الإنسان في هذه المرحلة على أقل تقدير أكثر وعياً وإدراكاً وإلماماً وتمييزاً مما كان عليه في مرحلة الطفولة، وأنا في هذا المقام لن أعول كثيراً على نظريات واجتهادات علماء النفس الذين كان لهم الدور الأبرز في تصويرها بذلك الشكل المبالغ فيه وترسيخه كمفهوم في عقول الآباء والأبناء، لكنني سأستند على دليلٍ منطقي يفند كل ما قيل عن مخاطرها ومدى تأثيرها على سلوك الإنسان سلباً، ويكمن ذلك في أن حكمة الله قد حددت هذه المرحلة العمرية بالذات للبلوغ الجنسي والتكليف الديني الذي يجب أن يسبقه أو يتوافق معه نضوج فكري يكون قادراً على تحديد الخطأ من الصواب والتفريق بين الحلال والحرام إنها حكمة الله «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير»، وعلى هذا الأساس يكون الإنسان في هذه المرحلة مسؤولاً مسؤولية كاملة عن جميع تصرفاته، وهو الأمر الذي يجب الأخذ به والعمل عليه لترسيخه في عقول المقبلين على هذه المرحلة بدلاً من ذلك التهويل الذي جعل منها مبرراً وشماعة لتلك الممارسات والتصرفات غير المسؤولة التي يقوم بها المراهقون بعد أن أكد لهم آباؤهم ب (بكرة يعقلون) أن المراهقة ليست إلا حالة من الجنون.