راحة البال غنيمة منعَمة لا تتوافق مع تبعات الشهرة والتميز، فهي جوهر التنازل الذي يوقع عليه المشاهير دون أدنى عناء حينما تجترهم مغريات الأضواء، وهي مجمل الثمن الذي يدفعه السياسيون والمشاهير مع تباريح قدومهم أو ترحالهم، قد يظن البعض في استعانتهم بالحارس الشخصي أنه ترف وتسابق للظهور والتباهي، لكن الحقيقة التي قد تغيب عن هؤلاء المحللين أن راحة البال قد لا تطيب دون ذاك البودي جارد»Bodyguard» الذي اشترى الجحيم ليسعد غيره، ما يدور خلف الكواليس في المطابخ الأكاديمية بمجتمعاتنا العربية ينسجم إلى حد كبير مع تلك القصة، فالمساعد الشخصي الذي يعمل بالظل أو «البودي جارد الأكاديمي» قارب أن يصبح نوعاً من الموضة المستفحلة بين حملة الدكتوراة، فهو مصدر الأبحاث السهلة والمشاركات الأدبية المجلجلة، وهو مورد سريع وجاهز لامتلاك الكتب المدونة، يلجأون لمثله كي يبقي أضواءهم مشعة في الساحة الأكاديمية، والحقيقة أن من يقوم بتمثيل ذاك الدور لهو بائس آخر جرته الحاجة أو المنفعة نحو تقديم التنازلات، فهو يقبل طواعية أو رغماً عنه بيع فكره أو حتى فكر غيره ببساطة للغير راضياً بما تسوقه له الأقدار من مكاسب، وهو في دعمه اللوجستي للدكتور المشغول يمتهن سياسة تكتيكية ترمي بذكاء لإبقاء الطرفين منتصرين في أرض المعركة، شخصيات مرموقة مع الأسف سقطت في وحل الأغراء القابع خلف شخصية البودي جارد، كلها انساقت بقوة خلف وهم المغريات بالترقي والظهور السهل من غير عناء، فالغنائم واعدة تستجر الانصهار تلقائياً نحو اللا مسموح، على الرغم مما يبدونه في العلن من تشنج ومعاداة لتلك السلوكيات. ما وصلنا إليه من تجسُّر وتجاوز للقيم بين الأكاديميين، لم يكن في رأيي المتواضع ليكون لو تفاعلت جهاتنا المسؤولة بحزم ضد تلك المهاترات اللا علمية، إنه الغياب الرقابي والسياسات التصاحبية في المجتمعات الأكاديمية التي تقوم على مبدأ «شِيلني وأشيلك»، والحقيقة أننا لن نبرأ من ذاك الوباء، ما لم تستحث الجهات الرسمية المسؤولة حملات تطعيمية جادة تسعى من خلالها تطهير الساحة الأكاديمية.