عقد كثير من المثقفين الشباب في منطقة جازان آمالهم على نادي جازان الأدبي في انتخاباته الأخيرة، مراهنين على تحول نوعي في مسيرة الأدب والثقافة على مستوى المنطقة، في ظل مرحلة تشهد تغييرا على مختلف الصعد وفي جميع المجالات. هذه الآمال سرعان ما نالتها الخيبة إثر خلافات ونزاعات بين أعضاء في مجلس إدارة النادي وجمعيته العمومية، تواصلت أكثر من عام، وأدت إلى استقالات متتالية من قبل أعضاء مجلس الإدارة، وعرقلة الأنشطة، ومن ثم توقفها، حتى وصل الأمر إلى رفع دعاوى في المحاكم ضد مجلس الإدارة من قبل أعضاء في الجمعية العمومية. إحباط إياد الحكمي ورغم أن الوضع «مخيب ومحبط» للمثقفين الشباب، بحسب الشاعر الفائز بجائزة شاعر شباب عكاظ العام المنصرم، إياد الحكمي، إلا أنه يؤكد أهمية الاستفادة من هذه التجربة للبناء، وليس لمزيد من الهدم. وقال إن تجربة الانتخابات والجمعية العمومية التي تمخضت عنها مجالس إدارة الأندية الأدبية، كانت تجربة جديدة على المهتمين المتعطشين للمشاركة في صنع القرار، وهذا العطش «المفرط» أدى إلى سعي الجميع لممارسة حقوقهم في طرح طموحاتهم ومرئياتهم بعشوائية وحماس واضحين. من هنا بدأ الخلاف من وجهة نظري، وكأن الديمقراطية هي الخلاف فقط، ولا مجال لأي اتفاق. أما الكاتب والمخرج المسرحي عبدالله عقيل فعبر عن إحباطه بما آلت إليه أمور النادي الأدبي، بقوله: كان رمزاً يتطلع إليه أبناء الوطن في يوم ما، وأصبح الآن مجرد أطلال تستحق الرثاء، كان الأولى أن نهتم بالبناء، بناء الإنسان والثقافة والأدب، مطالباً بمحاكمة كل المتسببين في تعثر الأنشطة طيلة هذه المدة بتهمة «تعطيل ثقافة مجتمع بأكمله»، وهي تهمة يستحقون المحاسبة عليها، مشيرا إلى أن ستة أشهر ليست «فترة سبات قصيرة». حمزة الكاملي عبدالله عبيد وعن ما حدث في الفترة الأخيرة في النادي، خاصة تقديم دعاوى للمحاكم ضد أعضاء في مجلس الإدارة، أبدى الشاعر عبدالله عبيد تشاؤما مما يمر به النادي، وقال: من الخطأ أن ننتظر شيئا في ظل هذه الأوضاع ما دامت الطرق كلها مليئة بالعراقيل، مشيرا إلى أن هذا الأمر «مخيب جدًا». وأضاف: أقول هذا مقارنة بما شاهدته في بقية المناطق من فعاليات وأنشطة. وأوضح رئيس نادي القراءة في جامعة جازان حمزة الكاملي، ضرورة انتظار النتيجة ليمكن الحديث عن جدوى مثل هذه المرافعات، وفي النهاية ستتضح فائدتها من عدمها، متمنيا أن يتم تنظيم انتخابات جديدة، لينطلق حمزة الكاملي المهتمون من قناعات أقوى لمن يصوتون وكيف يدخلون عضوية المجلس، والجمعية العمومية. قيادة الشباب وأكد الكاملي في هذا الجانب أهمية خوض الشباب تجربة القيادة للمؤسسة الثقافية، مشددا على أن المنطقة مليئة بالشباب المهتمين بالأدب والثقافة، ومن بينهم من هم قادرون على خوض تجربة إدارة النادي بعيدا عن النزاع غير المنطقي. وقال: لمست هذا في تجربه شخصية، ولدي أسماء أراهن على تقديمها ما يبهج. عبدالله عقيل فيما أكد عبدالله عقيل ثقته برؤية الشباب الواعي المنفتح على الآخر وثقافته، موضحا أن تجربة فرع جمعية الثقافة والفنون في جازان خير شاهد على أن الشباب متى ما اكتسب ثقة انطلق ليعانق عنان السماء بنجاحات كبيرة ومتواصلة. غير أنه بين أن النادي الأدبي ليس بحاجة فقط إلى شعراء أو مهتمين بالسرد فقط، مشيرا إلى أنه من الأفضل أن يكون العمل في الأندية الأدبية مكونا من خلطة ثقافية أدبية متنوعة يتم تشكيليها من كلا الجنسين، رجالاً ونساء، أو الطفل حتى، خاصة أنه نواة المستقبل، إلا أنه تم تهميش أنشطة النادي من ذلك، عدا بعض المحاولات التي تم تقديمها على استحياء دون التفاتة حقيقية للموهبة الطفولية، لافتا إلى أن المؤسسة الثقافية عنصر مهم لزرع النواة، ومتى ما وجد المبدع نافذة أخرى ينطلق من خلالها فلن يتردد، والفضاء الإلكتروني الآن شاهد على بروز كثير من المبدعين من غير أبناء أو ورثة الأندية الأدبية. أما الحكمي فأشار إلى أن الدماء الشابة كانت موجودة فعلاً في المجلس السابق «بكل تدفقها وطهرها»، ولكن «ثمة تجلطات وتخثرات وعروق فاسدة» حالت دون وصولها إلى القلب. وقال إن النادي يحتاج إلى شباب، وأيضاً إلى خبرات الرواد وكفاءاتهم، إلا أنه أوضح أن هناك حاجة، قبل ذلك، إلى أن نثق في بعضنا، ولا نسفه قدرات الآخرين، ونحتاج إلى كثير من الحب. المبدع والمؤسسة وعن علاقة المبدع بالمؤسسة الثقافية قال عبيد: منذ البدء لم تصنع المؤسسة مبدعا، وإنما قامت على أكتافه، والنادي ليس إلا نافذة جماعية يطلّ منها المبدعون، «وأعتقد أن التعامل معه بكلاسيكية ستجعله خارج حدود الزمن بشكل فادح». أما الحكمي فقال: لم يعد صعبا على أي مبدع أو صاحب صوت، في خضم الزخم التقني الذي نعيشه اليوم، أن يكون له منبره الخاص، عبر المدونات الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتيح له طرح اسمه، واستعراض نماذج من أطروحاته وإثارة النقاش حولها، مشيرا إلى أن جميع هذه الممارسات كفيلة بصنع حراك مستفز لكثير من الأفعال الإبداعية المؤثرة بعيدا عن المؤسسة وشروطها المعقدة، مبينا أنه لا ينتظر شيئا من النادي، كمؤسسة، بقدر ما ينتظر من عُقلاء المنطقة وأدبائها وكفاءاتها الإدارية القادرة على النهوض بالمشهد من جديد.