انتقد وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى ما يكتنف عمليات النشر من إثارة تستهدف سمعة مرفق القضاء، ونزاهة القضاة. وقال: إن من الطبيعي أن يُستهدف القاضي بالنقد من قبل الظلمة، وآكلي أموال الناس وسالبي حقوقهم. وأشار لدى رعايته أمس، البرنامج الأول لتدريب المفتشين القضائيين إلى أنه، إذا كان واجب غيرنا إرضاء الناس فواجبنا العدل بينهم لا إرضاؤهم. وأكد أن ما ينال القاضي في شخصه يمثل حقاً عاماً لأنه يطال القضاة لكننا نأخذ بحق القضاء، مشدداً على أن الوزارة لن تتساهل في أي إساءة لأي عضو من أعضاء السلك القضائي. وقال العيسى: إن التدريب يُعد خياراً استراتيجياً مهماً للوزارة يضيف للمادة التأهيلية، ويترجم الخلفية النظرية أو التطبيقية بعملية تدريبية ذات طابع حواري تفاعلي متعدد الخيارات، والمهارات، والنظريات، والتطبيقات، من خلال عصف ذهني وحوارعلمي وأنموذج تطبيقي. وبيَّن العيسى أن من الآثار الإيجابية للتدريب ما يتضح فور العملية التدريبية، ومنها ما يتضح بعد فترة من الوقت حيث يتم الصقل على مهارات تتراكم صورتها الإيجابية لتضيف للمفاهيم نظرية وتطبيقاً شيئاً فشيئاً، مع مرور الوقت، وبخاصة الاحتكاك الفاعل والمثري بين المتدرب وزميله المدرب على نفس المهارة. ونوه العيسى لدى رعايته أمس الثلاثاء، ختام برنامج «المفتشين القضائيين»، الأول من نوعه في البرامج التدريبية للقضاة، بمشاركة وفد قضائي من دولة الكويت الشقيقة بأن هذه الفعاليات التدريبية تنصب على الجانب الإجرائي، وقال: إن هذه الإجراءات تحكمها أدوات عصرية تتعلق بالنمذجة المتصلة غالبا بهندسة الإجراءات، وأساليب التقويم في قياسها الفني للعمل القضائي فيما يخص التفتيش القضائي، فضلاً عن المهارات ذات الصلة بالعمل القضائي في التعامل مع أطراف القضية، ومع القضية نفسها، ومع زملاء العمل في المداولات القضائية، وكذلك مع المرجعية القضائية سواء كانت المرجعية في عملها الموضوعي المتعلق بالمادة القضائية المنصبة على منطوق الحكم القضائي التي تعتمد عندنا على تطبيق الشريعة الإسلامية، أو كانت هذه المرجعية تتعلق باختصاصها الإجرائي الذي لا علاقة له بالأحكام القضائية، وهو مناط الحراك التدريبي إضافة إلى المهارات المتعلقة بالشخصية القضائية وأسلوب تعاملها المشار إليه، على أن قسطاً من الجوانب الإجرائيّة المحكُومة بموادِّ النظام أو أسلوب العَدالة في التعامل مع الآخرين تختصّ بالإشراف عليه بعد إجرائه القضائي، من المحكمة الأعلى درجة، وإن لم ينصب تحديداً على منطوق الحكم، فأحياناً يلاحظ على الأحكام من المحكمة الأعلى درجة لخلل في الإجراء الصادر من المحكمة الأقل درجة . وأضاف العيسى: إن إقبال القضاة على التدريب منقطع النظير، وإن تفاعلهم مع العملية التدريبية على أعلى المستويات، ما يعكس المستوى المتميز لقضاتنا، ويترجم كذلك مستوى طموحهم، بل وصل الأمر إلى استفادة كثير من المُدَرِّبين من الحراك العلمي مع القضاة، وهو ما يجعلنا نصف هذه العملية بحلقة النقاش أو ورشة العمل أو العصف الذهني على مادة قضائية أو تكوينية في الشخصية القضائية تستحق المدارسة والنقاش. وقال العيسى رداً على ما نشر عن التقرير الطبي الذي قدَّمه أحد القضاة وأشارت الإفادة الرسمية من المستشفى إلى عدم صدوره منه، إن كثيراً من الأمور يشوبها اللبس، وبالمراجعة للموضوع من قبل الجهة المختصة يتضح أن الموضوع يكتنفه سوء فهم أو مبالغة في التعبير أو تصعيد في الطرح، بينما الأمر ليس كما تم نشره، وقد حصل هذا كثيراً وبالتحقق يتبين عدم الصحة ، وإن لم ينشر ما نقوله ونتوصل إليه في الصحف، بل إن كثيراً منها ما تكون كيدية من بعض من حكم عليهم القضاة. وأضاف العيسى: إن من الطبيعي جداً أن يكون القاضي أحياناً مستهدفاً بالنقد من بعض الظلمة، وآكلي أموال الناس، وسالبي حقوقهم بالباطل، لكننا لا نترك ذلك بل نأخذ بحق القضاء، فما ينال القاضي في شخصه يمثل لنا حقاً عاماً؛ لأنه يطال القضاء، ولأن القاضي لم يُستهدف فيما يظهر للمتلقي أنه لشخصه إلا مقروناً بوصفه الوظيفي والوصف الوظيفي يعنينا، ويهون المصاب إذا علمنا أن هذه الأساليب الإعلامية ليست عندنا وحدنا بل تمارس في كثير من دول العالم، لكن يصدر على المتجاوز فيها أحكام قضائية صارمة تفلس على خلفية أحكامها القوية بعض المؤسسات المتسببة في ذلك ، ويؤول مصير أفرادها إلى الحكم الجزائي. وتابع العيسى حديثه بقوله: قلنا مراراً إنه إذا كان من واجب غيرنا إرضاء الناس فإن واجبنا العدل بينهم لا إرضاؤهم، وسؤالي ما فائدة نشر موضوع من الموضوعات يتعلق بسمعة أحد منسوبي الجهاز القضائي ما دام الموضوع لم يتحرَّ عنه من الجهة المختصة، وما موقف من نشر ذلك إذا تحقق أن الأمر ليس على ظاهره، وما القيمة المضافة إعلامياً لأي مطبوعة لمثل هذا النشر ؟ وبيَّن الوزير في إيضاحه: أن الوزارة لن تتساهل في أي إساءة لأي عضو من أعضاء السلك القضائي، وستتولى ذلك بنفسها بكافة الأدوات الشرعية والنظامية. وشدد العيسى بقوله: ينبغي ألا يكون عنصر الجذب والإثارة للقارئ على حساب سمعة جهاز بحجم مرفق العدالة، نقول هذا بالرغم مما كررناه مراراً بأننا لسنا ملائكة ولسنا معصومين بل نحن بشر ممن خلق الله نخطئ ونصيب، لكن يجب ألا يتجاوز هذا الأمر حده وألا يوظف بأسلوب يخرج عن إطاره ، وألا يكون محلاً للمزايدة والاستقطاب الإعلامي للقارئ المجرد والمعزول تماماً عن تفاصيل الأمور، متسائلاً أين أمثال هذا النشر مما نصَّ عليه الأمر الملكي الكريم القاضي بتعديل نظام المطبوعات والنشر؟ حيث تضمنت ديباجته أن حرية الرأي المنضبطة والمسؤولة التي تهدف إلى تحقيق الصالح العام هي التي تحظى بالاعتبار والتقدير، وقد حظر الأمر الكريم في تعديله المنوه عنه نشر كل ما فيه التعرض، أو المساس بالسمعة، أوالكرامة، أوالتجريح، أوالإساءة الشخصية لعلماء المملكة، أو رجال الدولة، أوأي من موظفيها، أوأي شخص من ذوي الصفة الطبيعية، أو الاعتبارية الخاصة. تجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج الذي نظمته الإدارة العامة لتدريب القضاة بالوزارة قد تناول في موضوعاته الأصول والمهارات النظامية، والفنية في التحقيقات القضائية، والفرق بين التحقيقات القضائية وغيرها من التحقيقات، ومواد التحقيقات القضائية، والتظلم منها، وكيفية صياغة الأسئلة، ومهارات المواجهة في التحقيقات، وآلية سؤال الشهود، وصياغة التقرير النهائي للتحقيق، والمهارات الإدارية والسلوكية التي تتطلبها عمليات التحقيقات القضائية، وتحليل مفهوم المتغيرات الداخلية والخارجية.