ما زال رغيف الخبز أساس الغذاء لا يستغني عنه الفقراء قبل الأغنياء، لكن الأيام مرت عليه كما مرت الأسعار على إخوته من قوت الناس الذي يقتاتون عليه حتى نقص وزنه ونحل جسمه. ولأن الرقيب مازال يغط في نوم عميق، فقد بدا أن الكل أخذ يتصرف على حسب جشعه، فالكسب هذه الأيام «على قفا من يشيل»، ومن لم يستغل هذه الأيام فلن يكون وحشاً في باقي الأيام التي تتشكل يوماً بعد يوم. رغيف الخبز هذا الزائر والضيف الخفيف الظل الذي لا يخلو منه أي منزل يسد به تارات ويصبر به أخرى.. هذا الرغيف بدأ في التناقص أول ما بدأ على يد المخابز التي لا تعمل في الظل، ولكن في وضح النهار وهي المخابز الأفغانية المنتشرة في الأحياء ليتفقوا على تقليص عدده من أربعة أرغفة إلى ثلاثة للريال الواحد. أما الرغيف في المخابز النظامية، فقط أصابه الإحباط من قلة دعم الدقيق بالرغم من أهميته، حتى نقص وزنه ونحل جسمه دون نظام يردع أو ضمير يفزع، تقف أمام المخبز متأملاً هذا الرغيف الذي كان في يوم يملأ العين، فأصبح اليوم في حدود كف اليد… يا الله. أما الفقراء ومحدودو الدخل الذين كان الريال يسد جوع أبنائهم في يومٍ ما، فقد ارتفع إلى الريالين حتى تستطيع الأسرة التعيُّش به في وجباتها الثلاث، ولأن الغلاء أخذ يضرب بأطنابه في كل صوب، فقد وصل إلى الرغيف، لكن بسياسة اللف والدوران، فالأربعة أرغفة أيها الرقيب ثابتة لكن الوزن والحجم اختلفا ليخرج لنا أحفاد الرغيف وليس الزعيم نفسه الذي عرفناه.