كشف مؤسس مجموعة الطيار للسفر والسياحة ورئيسها التنفيذي الدكتور ناصر الطيار، عن أن الفقر فرض عليه العمل في سن الثالثة عشرة في وظيفة كاتب حسابات براتب 900 ريال شهريا عام 1975. وقال في حوار ل «الشرق» إن أولى خطواته في عالم التجارة جاءت عن طريق اقتراضه مبلغ 250 ألف ريال من أصدقاء عرب . وأضاف أن مجموعة الطيار للسفر والسياحة تضم تحتها 12 شركة متخصصة في خدمات السفر والسياحة في الداخل ، وعشرين شركة خارج المملكة. وبين الطيار أنه من أنصار تعدد الزوجات لكنه لم يفعل ذلك. بيت طيني * - في البداية هل لنا أن نتعرف على قصة كفاحك ؟ - كل ما أتذكره أنني وجدت نفسي في بيت طيني يضم عائلة من سبعة أفراد في أحد أحياء الرياض المتواضعة، بعدما انتقلنا من الزلفي ، وتلك الرحلة لايمكن أن أنساها نظراً للمعاناة التي عشتها في السفر من الزلفي إلى الرياض، فالوالد كان موظفاً بشركة أرامكو، وكنت شديدَ التعلق بأخي الأكبر غير الشقيق محمد، الذي يكبرني ب15 عاماً، وكان صحافياً آنذاك؛ وحاول إشراكي في بعض الكتابات الصحافية. أما في المدرسة فرفاقي كانوا من عائلات ثرية، وكم رغبت أن أكون مثلهم، لكن الفقر والحاجة آنذاك، دفعاني إلى العمل في سن الثالثة عشرة في أحد البنوك بوظيفة كاتب حسابات عام 1975 براتب 900 ريال شهريا، وكثيراً ما كان يدفعني الإجهادُ إلى النوم على مقعد الدراسة، فقد فتحت تلك المرحلة من حياتي عيني على معنى الثراء. اليوم العاصف * - وماذا عن رحلة المعاناة بين الزلفيوالرياض ؟ - انتقلت من الزلفي إلى الرياض التي تبعد 250 كيلومترا في الثامنة من عمري،بحثاً عن حياة جديدة مع شقيقيّ أحمد وسليمان، وكانت «رحلة اليوم العاصف» حيث كادت الرمال أن تعمي بصري، ولم يرف لي جفن وأنا أتابع مسار الشاحنة لشدة شغفي بمعرفة نهاية الرحلة، وصلنا الرياض وأقمنا في حي غميتة قرب الصالحية، وتلقيت تعليمي الابتدائي والمتوسط والثانوي في مدينة الرياض، ثم التحقت بجامعة الملك سعود، وتخرجت منها متخصصاً في العلوم الإدارية تخصص علوم سياسية، ثم حصلت على الماجستير في العلوم الإدارية تخصص اقتصاد سياحي، والدكتوراه في العلوم الإدارية تخصص تسويق سياحي. 12 ساعة عمل * - هل يمكن أن تحدثنا عن فترة عملك في سن مبكرة ؟ - بدأت العمل ولم أزل ابن الثالثة عشرة، وكنت أعمل محاسباً في بنك منذ الثانية ظهراً وحتى الثانية فجراً، قبل الانتقال إلى العمل في الخطوط السعودية بمطار الرياض؛ وفي تلك الفترة كنت أتقاضى 900 ريال شهريا، وكان أحد أشقائي يعمل في مجال آخر ويتقاضى 450 ريالاً وكنت أجد فيما يتقاض اه بركة أكثر رغم قلته، ولكن الجميل هو أننا كنا نتحمل معاً مسؤوليات أسرتنا؛ وعند انتقالي إلى العمل بالخطوط السعودية كان عملي مقتصراً على مراجعة عدد الركاب ومتابعة خروجهم من الطائرة وإغلاق بابها، ولأنني كنت مُجداً في عملي طلب مني مسؤولو الخطوط الاستمرار معهم، فأبديت موافقتي وبدأت العمل منذ الثانية ظهراً وحتى العاشرة مساء؛ ولأن إكمال دراستي الجامعية كان حلماً يراودني التحقت بجامعة الملك سعود، التي تخرجت منها في 1982، على أمل أن أصبح سفيراً خارج المملكة في يوم من الأيام، وبعد فترة وجيزة افتتحت مكتباً صغيراً خاصاً بالسفر والسياحة في شارع التخصصي. حرب الخليج * - هل أثر عملك في مجال السفر على تحقيق أمنيتك في أن تكون سفيراً ؟ - عندما بدأت أفكر في العمل في مجال السفر ، جمعت من أصدقائي العرب الذين لم يكن بينهم أيُّ سعودي، مبلغ 250 ألف ريال لأبدأ المشروع، كنت محرجاً ولم أطلب المال من أقربائي وبعد عام واحد، أي في 1983، افتتحت فرعاً آخر في مدينة جدة على أمل أن يمكّنني ذلك من الحصول على وكالة مبيعات عامة من الخطوط السعودية، ولم أحصل على تلك الوكالة حتى عام 1988، ومن بعدها تلاحقت التوسعات إلى ما يقارب عشرة منافذ للبيع حتى عام 1990، ذلك العام الذي شهد بداية حرب الخليج الثانية، لقد كانت القفزة كبيرة وغير متوقعة؛ حيث أُغلقت أبواب كثير من مكاتب السفر في وجه المسافرين، وآنذاك كان مطارا جدة والدوحة وحدهما العاملان وكانت تصلنا باصات من دبي ساعدني شباب سعوديون على قيادتها. تعرضت للخسارة * - إذن أنت أحد أثرياء حرب الخليج ؟ - إطلاقا، لأنه في تلك الفترة زادت التكلفة التشغيلية ولم أحقق أرباحاً، بل تعرّضتُ للخسارة، ، كنت أتوقع أن أحقق دخلاً صافياً يصل في عام 1990 إلى مليوني دولار أمريكي، لكن مُنيت بخسائر وصلت إلى مائتي ألف دولار، لكنني لم أندم على ذلك، فقد بنيت سمعة طيبة. صفقات واستحواذات * - متى بدأت مجموعة الطيار تنافس وتستحوذ على حصة كبيرة من السوق ؟ - في 2005، بدأت المجموعة في عمليات الاستحواذ من خلال شراء %80 من شركة الصرح للسياحة، وشراء شركتي المكتب الوطني للسياحة وحجوزات آخر دقيقة بالكامل. وفي 2007، استحوذت المجموعة على %75 من (Wire Connection) الشارقة، ثم اشترت (ويلانتري هوليدان – ماليزيا)، لتلي ذلك صفقة شراء %40 من شركة (Grand Travel) الأمريكية والتي تعتبر أكبر وكيل سفريات للخطوط السعودية في أمريكا الشمالية حالياً. وفي 2008 رصدت المجموعة 150 – 200 مليون ريال لعمليات استحواذ مشابهة حول العالم، وقد أنهينا عام 2007 بشرائنا من بنك التنمية الإسلامي %30 من شركة طيران السعيدة، وهي شركة طيران يمنية داخلية، يملك البنك %45 منها مقابل %25 للخطوط اليمنية. ثقة المستهلك * - كم شركة تضم مجموعة الطيار تحت مظلتها ؟ -تضم مجموعة الطيار 12 شركة تابعة متخصصة في خدمات السفر والسياحة داخل المملكة، ونحو 20 شركة خارج المملكة لخلق خدمات سياحية متكاملة في مكان واحد، وهو نجاح كبير لمجموعة تم تأسيسها منذ ثلاثين عاماً، وتتمتع المجموعة بقاعدة عملاء قوية وصلابة البيئة الاستثمارية التي تنطلق منها ومتانة مكانتها كمجموعة رائدة في المملكة، وأنها واحدة من أهم الشركات العاملة في صناعة السياحة والسفر على مستوى المملكة والخليج والشرق الأوسط، كما أن الشركة تتمتع بثقة المستهلك المحلي والدولي لما تقدمه من خدمات فائقة عززت قدرتها على النمو ومواصلة تحقيق مستويات خدمية عالية بما يكفل تعظيم العائد الربحي للمساهمين فيها. تأهيل السعوديين * - هل هناك أنظمة في مجال السفر تلزم الشركات الأجنبية بتأهيل الشباب السعودي وتوظيفهم ؟ - ليست لدينا أنظمة أو صناعة في مجال السفر والسياحة، وأدعو إلى إلزام الشركات الأجنبية باستثمار جزء من عائداتها في تدريب الشباب السعودي كما المتبع في الدول الأخرى، ففي مصر على سبيل المثال هناك شباب مصريون يعملون في مكاتب الطيران السعودي فيما هنا لا نجد سعوديين يعملون في مكاتب الشركات الأجنبية رغم جني تلك الشركات أرباحاً طائلة من السوق السعودي. السوق المصري * - الأزمة التي تعرضت لها مصر هل أثرت على استثماراتكم هناك ؟ - الأزمة التي تعرضت لها مصر لن تدفع المجموعة إلى الخروج من السوق المصرية أو مراجعة خطط توسع مشروعاتها ، فمصر تعد عمقاً استراتيجياً للاستثمارات في المنطقة العربية، وتقدر استثمارات المجموعة في مصر بمليار ومائتي مليون ريال ، موزعة على السياحة وقطاع تأجير السيارات والعقارات والمنتجعات السياحية. وتشكل الاستثمارات في مصر %5 من إجمالي استثمارات المجموعة، وبالنسبة لقطاع تأجير السيارات لم يتأثر، أما بالنسبة للسياحة فإن معظم الرحلات إلى مصر إبان الأزمة توقفت، لكن تغيرت وجهة الزبائن إلى دول الخليج والأردن ولبنان.