وسَتَسْألْ وتقول: «لماذا (الآن) تحديداً؟ وهل اختلف الآن عما مضى من الزمان؟ اترُكني من متغيّرات العصر، فالأمر بالمعروف ليس حكراً على أحد وليس من شروطه حملُ بطاقة؛ فالحديث لم ينصّ على هذا ويا أخي القرآن واضح»! حسناً: لا يقدرُ مسلم على إنكار وجوب الأمر بالمعروف وأنه شعيرة عظيمة (كنتم خير أمّة أخرِجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) بشروط مُحدَّدة حدّدها علماءُ الأمّة. لكن ماذا لو كان الآمر بالمعروف وافداً مسلماً مثلاً -حسب مفهوم الذي يودّ من الجميع الاحتساب ويقول: أليس الإسلام للجميع يا أخي؟!- تخيّل ردّة فعل الشارع! عموم الفوضى بالتأكيد، ومن هنا وجب التنظيم. لاحِظ أن مثل هذا الرأي الأوّل قد يُدخلنا في إشكالات عديدة نغفل معها أهمية التنظيم بعد أن نتسرع في الحماس ونأخذ النصوص على ظاهرها! اطّلعتُ على بحثٍ جيّد للشيخ صلاح نجيب الدق، على موقع شبكة الألوكة الشرعية بعنوان «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» أجاد فيه الكاتب في لمّ شمل أطراف الموضوع، وتميّزَ في طرح أفكاره مُتَسَلْسِلَة. النقطة التي استوقفتني: تغيير المنكر الذي يترتّب عليه ضررٌ للآخرين.. وهذا ما يهمّنا! ذكر أنه متى ما تيقن الشخص من وقوع مفسدة من أمره، فإنّ عليه ترك الأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر وجوباً! ويقول الإمام الغزالي: فكما أن السكوت على المنكر محظور فإن إيذاء المسلمين محظور.ا.ه ونحن نشاهد ونلحظ انقسام الناس حول أتفه القضايا وتعظيمها وكثرة الهرج واللّغط في تويتر وغيره. قبل أن تخشى عذاب الله إذا لم تنصح أو تمنع، تدبَّر واقعك وتأمّل المنكر أو المعروف الذي تودّ الأمر به والحال، فإن رأيت أنّك على حقّ بعد كل هذه الشروط فامضِ، وإن لم يكن فلا شيء عليك حسب الباحث. لا يهمّ التشنيع على المخطئ في أي حادثة بقدر ما يهمّنا أن نتعلم من أخطاء اليوم كما تكررت الأمس، ونحاول أن نمنعها غداً. ليس الاعتذارُ وحده فقط كافياً، وإنما رؤية واضحة وجليّة كيلا تتكرّر الأحداث.