أتمنى لو تلغى الخطوط الحمراء الموصدة أمام قلمي، ليس لشيء ولكن لأن في القلب حرقة، وفي العين دمعة، وفي النفس غبن لو أخرجته لغضب مسؤولون كبار، ولتيقنت حينها أن بعضهم سيوصي بإيقافي عن الكتابة، عندها سأخسر حتى هذا الركن الأسبوعي الصغير من التنفيس عن هموم الناس، وسأخسر أموراً أخرى ستبقى في حكم قرارات في علم الغيب. لن أتجاوز حدودي حتى الآن، مازلت في المساحة المسموحة لي. أعرف أن ثوابت الدين والقيادة والوطن لا يمكن المساس بها، ولكني أخشى إن تحدثت عن أمر أن يقرن بهذه الثوابت، عندها ستخرج ألف قضية وستتحول الخطوط الحمراء إلى خطوط نيران نحوي و»يا رب سترك». أتخيل الآن أنني صاحب نخوة ولست كاتباً، وأتخيل أن الخطوط الحمراء هي جدران حمراء وتعلوها «الأسلاك الشائكة» ويقبع وراءها أصحاب قرار، سأحاول أن أقتحمها كمواطن غيور، سأحاول أن أفتح الرموز السرية لخزائن قلوب الوزراء وكيفية الظفر بتواقيعهم «الختامية» لمعاملات البشر. لو تسنى لي اقتحام مكاتب الوزراء التي تشبه «الثكنات العسكرية» ما بين العشرات من المستشارين والمراسلين ومديري المكاتب ومسؤولي العلاقات العامة ومديري المكتب الخاص والسكرتارية وجيش من البيروقراطيين وحراس الأمن عندها لن أجد «بداً» من مواجهة وزير الصحة كي أبلغه أنه يكفي المريض آلام مرضه، هل هو بحاجة لرصاصة رحمة تنهي حياته «بحثاً» عن دواء أو كرسي؟ سأواجه وزير الشؤون الاجتماعية لأبلغه مادام أن وزارته مرتبطة بهموم الناس فلماذا عجزت عن احتضان معاقين ينتظرون الموت قبل كرسيّ يحمل أجسادهم المتوقفة؟ ولماذا لايزال الفقر موجوداً وأعداد حالات العوز في تزايد؟ سأواجه وزير العمل وسأقول له «هل يرضيك أن تتحول وزارتك إلى وزارة قرارات دون تفعيل؟» سأقابل وزير الإسكان وأرشده إلى أن الفقراء يحتاجون إلى مساكن حتى وإن كانت فوق رأس جبل وأن ثلثي الدولة أراضٍ مفتوحة ولن يرفضها المساكين. الأسبوع المقبل سأكمل تفصيلات الاقتحام الافتراضي للجدران الحمراء وليس «الخطوط الحمراء». سأحاول أن أوصل صوت المكلومين للوزراء وأمراء المناطق بقدر ما سمح لي!!