بعض الجهات الحكومية لا تزال أسيرة للتفكير بعقلية العصر الحجري في التعاطي مع لغة الإعلام بردودها على الصحافة، ولا يسعك عند قراءة بعضها سوى تخيّل –على غرار أفلام الكرتون- سعادة مدير العلاقات العامة وهو يطارد الكاتب أو الصحفي بهراوة غليظة في أروقة الصحيفة أو في الشارع متوعداً بالويل والثبور! معتقداً أنها الطريقة الوحيدة لرد الاعتبار وإسكات صوت الكاتب بالضربة القاضية على «نافوخه» من باب «يا ويلك ويل ياللي بتعادينا»! فإن دققت النظر في كلمات وجمل الرد الموقر فإنك ترى العجب، فبجانب التهديد الصريح والمبطن من اتخاذ كل الإجراءات ضد الكاتب وتجييش المسؤولين عليه، ومحاولة اتهامه بإلصاق ما ليس فيه فالدعاء له في الأخير بالهداية لن تجد أي توضيح فعلي على ما تناوله الكاتب سوى قطعة إنشائية تذكرك بحصة التعبير حين يميل الطالب لملء فراغ الصفحة مجبراً لأنها الحصة الأخيرة، «تنفض» الرد من أوله إلى نهايته –وقد تقلب الصفحة باعتقاد وجود تكملة للرد تالياً- فلا تخرج بفائدة في الإشارة إلى ما تناوله الكاتب في القضية، وقد لا تجد حتى الإشارة –لا من قريب ولا بعيد- للوثائق التي بنى عليها الكاتب مقالته! ناهيك عن القيام بتفنيدها أو عدم صحة بعضها، فما الفائدة إذاً من الرد على الكاتب؟! لتخويفه مثلاً أم لتسجيل موقف علني ضده؟! أعتقد أن الردود على هذا المنوال الإنشائي دلالة واضحة على صحة ما تناوله الكاتب، ثم إن «العجرة/المشعاب/ المكبعة» أدوات أصبحت تُعرض على أرفف التراث ولم تعد صالحة في عصرٍ يتميز بلغة إعلام هائلة ووسائل نشر مفتوحة ومتعددة تستجيب بضغطة زر. صدقوني لن تفلح لغة «الصميل» هذه لأن هناك قارئاً نابهاً ومنصفاً يحلل الخطأ من الصواب بطريقته ولو على إيقاع: «فينا واحد بيعلب/ وفينا واحد يعاني»!