اعتبر مفسر الرؤى الشيخ أحمد قشوع أن منافسة المفسرين للمشاهير والدعاة في الظهور الإعلامي أمر طبيعي في ظل الإقبال الكبير على هذا العلم وقربهم من المشاهدين أكثر من غيرهم، وفي الوقت الذي لم ينفي حقيقة أن بعض مفسري الأحلام جنوا مبالغ مالية نظير هذا العلم وأكد أن البعض منهم لا يملك قيمة تسديد فاتورة هاتفه، وأكد في حوار له مع “الشرق” أن النساء هم الأكثر اهتماما وإقبالا لدى المفسرين عطفا على ما يصله من اتصالات طيلة ال 13 عاما التي قضاها في هذا الإطار، وطالب بإيجاد مؤسسة خاصة لمفسري الأحلام لوضع آلية منظمة لهم، وهذا نص الحوار: * - بداية نود إعطاء القارئ نبذة عنكم ؟ - أحمد عبدالعزيز قشوع، متزوج، وزوجتي حفيدة العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، قارئ موسوعي، لا أحرم عقلي من أي علم مفيد والمهم تأصيل طالب العلم وبعد ذلك الانطلاق. أعبر الرؤى منذ أكثر من 13 سنة، معبر للرؤى في عدد من القنوات الفضائية، إمام وخطيب سابق لعدة مساجد في مدينة جدة، أما عن طلبي للعلم فقد حضرتُ كثيراً من الدروس والمحاضرات ودرستُ بعض المسائل على كبار العلماء، منهم: الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ بن جبرين رحمهم الله أجمعين. والشيخ محمد مختار الشنقيطي حفظه الله، ولي كثير من البحوث في علم تعبير الرؤيا، وبحوث أخرى. بدأت عندي اهتمامات في هذا العلم قبل 17 عاماً فكنت أبحث وأقرأ في هذا العلم، وأول ما قرأت، تفسير القرآن الكريم من خلال ما سطره المفسرون البارزون في مجال علم التفسير، إضافة إلى قراءة أكثر من عشرين تفسيرا آخر وكنت أركز كثيراً على آيات الرؤيا في سورة يوسف خاصة وفي سورة الفتح والأنفال. * - هل تفسير الأحلام بتلك الأهمية وكيف تستقرئ ذلك وفق الأحداث الراهنة؟ - أهمية تعبير الرؤى تكمن في نقاط كثيرة، لكن لعلي أعطي لمحة يسيرة عنها وهي إن تعبير الرؤى يشبع جانباً مهماً جداً في عاطفة الإنسان أو نفسيته، وهو حب الاطلاع على الغيب، هذه صفة في البشر جبلية تولد معهم كحب المال وحب الأولاد وغيرها من الأمور التي جبل على حبها الإنسان، تجده يعيش اليوم ويريد أن يعلم ما سوف يحصل له غداً، والإسلام خدم هذا الجانب وتعامل معه بكل اهتمام. وعلم تعبير الرؤيا أيضاً يعطينا مؤشرات عن الأضرار التي سوف تقع على الناس وعلى المجتمع، فرؤيا ملك مصر أنجت أمة من الهلاك ووضع خطة ل14 سنة قادمة، وهذا بفضل الله أولاً، ثم بفضل تعبير سيدنا يوسف عليه من الله الصلاة والسلام. والإنسان في غريزته يحب التطلع للغيبيات وللمستقبل، وتعبير الرؤى وتفسير الأحلام يشبع هذا الجانب بما أحل الله، أما إذا مُنِع هذا العلم أو أوقف، فالنتيجة سوف تكون الازدحام على أبواب السحرة والمشعوذين والتي تمثل الجانب المحرم. * - هل تفسير الأحلام موهبة أم علم؟ - العلوم أحياناً تكون موهبة يمكن صقلها بالعلم وبالتدريب، ولكن لا بد أن يكون هناك شيء مؤصل عند الإنسان في العلم الذي يريد أن ينبغ فيه، وأن يكون عنده مبدأ ومن ثم هو يبني عليه، كالشعر مثلاً فهو علم يُتَعَلَّم ولكن من يكن عنده الشعر موهبة فهو يكون الأفضل بلا شك وتزداد هذه الموهبة بصقلها بالعلم.كذلك الأخلاق، فبعض الناس تجد عنده أخلاقاً عالية جداً ولم يعلمه أحد هذه الأخلاق، والبعض الآخر يحتاج إلى دورات ومتابعة حتى يتعلم هذه الأخلاق. * - على ماذا يعتمد المفسر في تفسير حلمه؟ - لكل معبر طريقة تختلف عن الآخر، وإن كان الكثير يكادون يقتربون من بعضهم إذا كان منهجهم على سنة نبينا محمد عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم. فهناك من يعبر بالمصطلحات الفقهية ومنهم من يعبر بالمصطلحات اللغوية، وتعبير الرؤيا يعتمد اعتماداً كبيراً جداً على فك رموز الرؤيا، وعلى الأسماء الموجودة في الرؤيا، التعبير بالأسماء وأصحها الحديث الذي في صحيح مسلم ويرويه الصحابي الجليل أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ) في هذا الحديث نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوَّل الرؤيا بالأسماء الموجودة في نفس الرؤيا.فاستدل بعقبة: بأن َالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ. ورافع: الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا.ومن رطب ابن طاب: وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ. فإذا حللنا هذا الحديث الشريف، وهو بمثابة المثال على التعبير، سنجد أن استخدام الاسم فيه كان عاملا أساسيا، فعقبة اسم، ورافع اسم، وابن طاب اسم لأنواع من الرطب، فكان التأويل كله معتمد على الأسماء وهذا المثال كله بيسر وسهولة من غير أي تعقيدات أو تكلف. طبعاً هذا المثال على الأسماء، وهناك قصة يوسف عليه السلام في تأويل رؤية الملك، بأن استعمل رمز البقرة للسنوات، ولو ركزنا في هذا الجانب لوجدنا أن البقرة لها علاقة في حرث الأرض الذي بسببه يكون هناك المحصول السنوي ومن غير البقر لا يكون الحصول على الزراعة كما يجب فهو عامل أساسي. وكان فك الرمز للبقرة هو السنة. وهناك من هو ملهم من المعبرين، ومن الصعب التمييز من المفسر الملهم لأننا إذا وصلنا هنا وصلنا إلى دائرة ضيقة جداً، يصعب علينا تحديدها. ولعل الأمر فيه تفصيل بمعنى أن المعبر يلهم أحياناً بمعنى الرمز فيعرف تعبيره يعني الأمر لا يكون شعورا قلبيا فقط. ومعاني الرموز تحتاج إلى إلمام في اللغة العربية وأيضاً محاكاة للواقع، طبعاً مع الأخذ بالاعتبار الحالة الاجتماعية للرائي وزمن الرؤيا وبلد الرائي، كل هذا يؤثر على تعبير الرؤيا، والطرق تختلف من مفسر وآخر فكل شيخ له طريقته، لكنها لا تخرج من عدة جوانب منها الجانب الذي ذكرنا. * - بدأت ظاهرة تفسير الأحلام تنتشر خلال السنوات الماضية؟ ما تعليقك على ذلك؟ -علمياً وتاريخياً وإحصاءات قديمة جداً تدل أن علم تعبير الرؤيا منتشر من قديم الزمان حتى قبل الإسلام وهناك الرؤيا المشهورة التي رآها نبوخذ نصر والتي عبرها له دانيال عليه السلام، ولعلها من أقدم الرؤى الصحيحة الموثقة في كتب أهل الكتاب وتحديداً في العهد القديم (التوراة) في سفر دانيال عليه السلام وكانت هذه الرؤيا من أوائل ما قرأت ودرست في هذا الجانب. * - من هم أكثر فئة تقبل على تفسير الأحلام؟ - في الحقيقة تفسير الأحلام يجذب الكثير من كافة فئات المجتمع دون مبالغة، المدرس، الطبيب، سواء كانوا من رجال الدين أو رجال الأعمال أو المسؤولين من أعلى الفئات إلى أقلها في المراتب ، أيضا يتصل بنا أطباء في الجامعات من الجنسين، ومستشارون في هيئات شرعية...الخ وليس هناك تصنيف واضح لأكثر الفئات، أما على صعيد الجنسين ففي الغالب تجد النساء هم أكثر المتصلات، طبعاً أنا أقيس هذا الجواب على الاتصالات التي تأتيني على جوالي الخاص وبعض البرامج التلفزيونية التي أقدمها. * - هل يتقاضى المفسر أي أجر على تفسير الأحلام؟ ما رأيك؟ يمكن أن يكون هناك عمل مؤسسي تطوعي، لمجموعة من المعبرين المعتبرين يجعلون جزءا من وقتهم لخدمة الناس في هذا المجال ويمكن أن يكون هناك وقف خيري لهذا الأمر لتجنب ما يسمى بالاستغلال الزائد عن حده، ومن الممكن أيضاً الاستفادة من الأمر بالأغراض الدعائية، إذ أن هذه البرامج عليها نسبة مشاهدة عالية جداً، فيقوم برعاية البرنامج أحد الرعاة ويتحمل التكلفة مقابل الاتصالات المجانية للجمهور ويكون أيضاً هو مستفيد من عرض منتج في برامج عليها نسبة مشاهدة كبيرة من الجمهور والإعلانات التي تكون في وسط برامج ناجحة، بالتأكيد هي متابعة أكثر من غيرها من الإعلانات. * - هناك بعض المفسرين “المنتجين” يتفقون مع بعض الفضائيات لعمل برنامج، ما تعليقك؟ - حسناً. . برامج تفسير الأحلام هي برامج ناجحة، وعدد مشاهداتها عال جداً، وفي رأيي فأنا أشجع هذه البرامج، ولكن يبقى الأمر كما قلنا مرهون بالمهنية العالية، ومن جهة أخرى فهو يعتبر شهرة للقنوات أيضاً. * - هل صحيح أن هناك عمليات ابتزاز من قبل بعض المفسرين؟ - هؤلاء ليسوا معبرين إذا تعاملنا مع هذا العلم بأن المعبر عليه أن يكون تقياً ورعاً بالدرجة الأولى، هؤلاء دخلاء ومستفزين، والقصص التي حصلت لا نعرف أنه تورط فيها أي أحد من المعبرين الثقات الذين نعرفهم ونقتدي بهم هذا إن كانت القصص صحيحة. * - لماذا نرى أن الكثير من المفسرين يقومون بتفسير أحلام المتصلين على أن صاحب الحلم مصاب بالسحر أو العين؟ - فئة منهم يعبر على هذا المحمل، وحتى نكون منصفين، الرؤيا يظهر فيها مثل هذه الأمور، لكن كثرة التعبير بهذه الطريقة يدل على خلل ما لعله يرجع إلى طبيعة ميول وتخصص المعبر أو المفسر كأن يكون في الأصل هو متخصص في جانب (الرقية الشرعية)، وعلى المعبر أن يحتاط من إخافة السائل وترويعه في التعبير والجواب على استفساراته، والمعبر عليه أن يكون إنسانا موسوعيا، وقارئا قويا، حتى يستطيع أن يحمل ثقافة عالية، تجمع كثيراً من الثقافات والآراء التي لا حدود لها، ومن هنا ندخل في الإبداع في التفسير. وهناك أمر آخر، أن انتشار العين والحسد هو حقيقة، والسبب هو عدم التحصين بقراءة الأذكار، ودعني أستطرد قليلاً، وإن كثر الأمر بانتشار السحر، فعلاج السحر ليس بالشيء الصعب، ولكننا هولنا منه كثيراً، هو مثل أي مرض عضوي أو نفسي، متى توفرت الأسباب الكونية والشرعية، شفي الإنسان بإذن الله. * - بعض المفسرين أصبح “ثرياً” من تفسير الأحلام.. ما صحة ذلك؟ - كثيراً من المعبرين الذين أعرفهم لا يملك أحياناً سداد فاتورة جواله، ولكن لعل هناك فئة لم أطلع على تفاصيل حياتهم، رغم أنني بفضل الله، لي اتصال مع كثير من المعبرين المشهورين على المستوى المحلي، وعلى مستوى العالم العربي، لكني صراحة لم أتطرق لتفاصيل هذه الأمور المادية. * - بعض الأحلام لا يمكن تفسيرها؟ - هذه قضية حساسة ومهمة جداً، فهناك احتمالات كثيرة، منها: حديث النفس وأضغاث الأحلام، هذه لا تعبر، ولكن لعله يستفاد منها في أمور أخرى، مثلاً: إنسان دائماً يفكر في المال وجمعه وكيفية دراسة مشروعات ربحية، فمن الممكن أن يرى في منامه مثل هذه الأمور، فيتضح أنه إنسان مهتم بالدنيا، فينصح أن لا يغتر بهذه الدنيا ويعمل لآخرته، كذلك هنالك أحلام تكون مخيفة، مثل الكوابيس، الجاثوم، وأشياء كثيرة مزعجة يراها في منامه، وهذه تدل على اضطرابات غير طبيعية، فيبحث عن سببها ، وهناك منها رؤى خاصة بقضايا حساسة، التكتم عنها أفضل إلا لأصحاب الشأن، وهناك رؤى لا تعبر لأنها لا تحمل خبراً ساراً، وهذا في حالة أن عدم تعبيرها لا يضر الرائي، ولم أجد دليلاً واحداً على أن الرسول صلى الله عليه وسلم عبر فيه الرؤيا على المحمل السيئ بتاتاً فالتعبير السيئ خلافاً لسنته عليه السلام، ويتضح ذلك في أدلة كثيرة، منها، قول يعقوب عليه السلام ليوسف عليه السلام: يا بني لا تقصص رؤياك، ودعني أقرب الفكرة بمثال، رجل كان تعبير رؤيته أنه سوف يأتيه (مرض السرطان) لا قدر الله ويحدث هذا كثيراً أو أي مرض آخر، أنت لا تقول له أنك سوف تموت بمرض السرطان عياذاً بالله... لا... هذا خطأ ولكن عليك أن توجهه بالفحص الدوري عند طبيب جيد، ولا تبين له، وهذا بسبب أن الرؤيا يجب أن يكون تعبيرها على المحمل الحسن، شيء آخر أن الرؤيا وتعبيرها يبنى على الظن. * - هل يمكن أن تتحقق بعض الأحلام خاصة في شهر رمضان؟ - شهر رمضان شهر بركة تصفو فيه نفوس البشر وتقترب إلى الله، وهذا من أعظم أسباب الرؤى الصالحة، فكلما اقترب الإنسان من ربه كلما رأى الخير، وكانت أغلب رؤاه صحيحة ولعلها تصدق بمعنى أنها لا تحتاج إلى تعبير أي تكون كما رآها.وفي الجانب الآخر كلما ابتعد الإنسان عن ربه وقصر في عبادته انعكس ذلك على منامه فيرى الأمور المزعجة والمكدرة والمخيفة التي هي من فئة أضغاث الأحلام.فنلاحظ هنا أن الفرق هو القرب والبعد عن الله وعن عبادته عز وجل . أما عن تحقق الرؤيا فهذا لا يلتزم بشهر معين أو وقت معين إلا إذا ظهر في الرؤيا شيء دقيق يقاس عليه قياسا ظنيا في هذا. * - ما أغرب حلم قمت بتفسيره؟ -عَلِمنا (ظنياً) بعض ما حصل من أحداث أخيرة في العالم -بفضل الله- من قبل حدوثها بسبعة أو ثمانية أشهر، وهناك شهود من أهل العلم ومن أهل الثقة على هذا، وسوف يعلن كل شيء بوقته إن يسر الباري، وأيضاً الرؤى المبشرة كثيرة جداً في زمننا هذا بالخير والنماء والاستقرار. * - هل ترى أن هناك ثقافة كافية لدى المجتمع السعودي بتفسير الأحلام؟ - المجتمع السعودي بلا مبالغة من المجتمعات التي عندها وعي ديني كبير جداً، بل إن هذا الوعي أصبح مرتبطاً في حياتها ومن هذا الوعي وعيها بمسألة الأحلام. ولعل هناك ربط تاريخي لأن أغلب الرؤى المذكورة في كتاب الله الجليل كانت في أراضي المملكة العربية السعودية و(مصر)، ويوجد متصلين كثر لديهم وعي عالي في علم تعبير الرؤيا ويظهر ذلك من استفساراتهم وأسئلتهم الدقيقة وتنبيه المعبر أن لا يعبر الشر، وأحياناً مجادلتهم في هذا الجانب وطرح بعض الأدلة والنظريات في تعبير الرؤى. * - ما هو دور المفسر في تقديم النصيحة الصحيحة لصاحب الحلم؟ - تقديم النصيحة من أساس وأهداف تعبير الرؤى بل هي أمانة في عنق المعبر، فليس المقصود هو تعبير الرؤى واستقبال المتصلين فقط، بل النصيحة تقدم على أمور كثيرة بل إن التعبير و التفسير لا يعبر إلا عن عُشْر فوائد تفسير الأحلام ومنها النصح، وبعض الأحيان تقدم النصيحة على التعبير بل ولا تعبر الرؤيا.... على سبيل المثال اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصح الصحابي لما قص عليه الرؤيا قائلا: نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ.... فالنتيجة فَكَانَ بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنْ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا. وتعبير الرؤى كان سببا في إسلام أناس وهداية بعضهم وربح في تجارة البعض الآخر وتعديل في سلوك آخرين وهي باب كبير جدا للتوجيه والإصلاح على المستوى الفردي وعلى المستوى الاجتماعي وكل هذا يتحقق بالنصيحة.بل إن كثيرا من المشكلات تحل في تعبير رؤيا.. * - لماذا أصبح المفسرون ينافسون المشاهير في الظهور الإعلامي؟ - المفترض أن يكون المعبر للرؤى طالب علم ولديه خلفية شرعية قوية، أي يكون هو شيخ أيضاً. لعل من العوامل القوية أن المفسرين يأتون بمشكلات حساسة للمشاهدين، بل ويسعون في حل معضلات الناس بنصحهم وإرشادهم، فنستطيع أن نقول أن المعبر يكون أقرب للناس ولفهمهم لأن هذا من طبيعة الرؤيا فهي تظهر خفايا وأسراراً لصاحبها لذلك على الرائي ألا يقصها على أحد.وأيضا من العوامل أن الجمهور يكون له مشاركة في برامج تفسير الأحلام بدرجة كبيرة فهم من يتصلون ويسألون ويستفسرون. * - هل هناك دخلاء على هذه المهنة؟ - لكل مهنة دخلاء، وخصوصا إن كان هذا الأمر يوصلك للشهرة لكن مع الزمن هم ينكشفوا ويبتعد الناس عنهم والمشكلة أنهم يسيئون لسمعة غيرهم ويسيئون لسمعة هذا العلم الشريف، تقابلت مع أحد الوجهاء وتكلمنا عن تفسير الأحلام فقال لي أنا لم أفسر أحلامي منذ أكثر من عشر سنوات وكان سبب هذا أن أحدهم قال لي أنك ستموت بعد غد ويقول لي ها أنا أعيش بعدها، ولك أن تقيس حجم التنفير لما علمت أنه لم يفسر حلما منذ عشر سنوات .. * - هل من الممكن أن تعطينا لمحة مبسطة عن تفسير الأحلام؟ - الموضوع يطول فنحن نتكلم عن تاريخ علم وليس عن مسألة أو فائدة، تفسير الأحلام علم واسع بحد ذاته له قواعده وشروطه وعلماؤه، وأيضا التعبير ذكر في كثير من الأحاديث تتجاوز ثلاثين حديثا في صحيح البخاري فقط وللمحدثين في كتبهم أبواب خاصة بتعبير الرؤيا.اهتمت به كثير من الأمم قبل الإسلام تكلم فيه العلماء وألفت فيه الكتب والمصنفات بكثرة .أنبياء عظماء اشتهروا بالتعبير مثل دانيال عليه السلام إبراهيم عليه السلام يعقوب عليه السلام يوسف عليه السلام ومن بعدهم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر ويقول لأصحابه بعد صلاة الفجر هل رأى أحد منكم رؤيا؟ وقد برع في هذا العلم الكثير من الصحابة منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وابنته أسماء والتابعين مثل سعيد بن المسيب رضي الله عنه وكان ابن سيرين رحمه الله عالما موسوعيا في هذا الجانب واشتهر فيه. وهو علم جعل الكثير يهتم به و يدرسوه من أصحاب الثقافات الأخرى أفلاطون، أرسطو، أرتميدوس الأقسوسي، فرويد، ينج، وكان يغلب على دراساتهم نظريات مادية بحتة ، كما أن تفسير الأحلام اهتمت به كثير من الحضارات حتى الصينية. * - في نهاية هذا الحوار لك كلمة أخيرة ؟ - شكر خاص لجريدة “الشرق” على هذا الحوار وتسليطها الضوء على هذا العلم واهتمامها بهذا الجانب الذي يدل على الثقافة العالية والحوار الراقي، كما لا يفوتني في هذه العجالة أن أبارك لكم انطلاقة الصحيفة التي بدأت قوية.