من العبارات الرنانة التي تعودنا على سماعها أن المسؤول في خدمة المواطن، لكن المواطن «المخدوم» نظرياً لا يكاد يجد واقعاً تطبيقياً لما قيل له، حتى أنه بدأ يراوده الشك في صحة الجملة أو صحة عقله، فكم من مواطن «ساذج» آمن بمصداقيتها، وكاد يعلقها وساماً على صدره، ذهب لإحدى «الدوائر» الخدمية مطالباً بأبسط حقوقه التي يكفلها له النظام، ليصطدم بالواقع المرير، فمنذ دخوله مع الباب الرئيس لتلك «الدائرة»، التي لها من اسمها نصيب، فقد بدأ في رحلة اللف والدوران حد الغثيان، يعامله أصغر الموظفين بازدراء، وكأنه جاءه متسولاً على باب منزله الخاص، تتقاذفه أيدى الإهمال والروتين والمعاملة السيئة، وإن سولت له نفسه الأمارة بالسوء الدخول على أحد المديرين أو المسؤولين، فعليه أن يتحمل ما قد يحصل له من التهميش والتطنيش، وإن كان من ذوي الحظ الجيد فقد يحظى بشرف لقاء سكرتير المسؤول الذي إن تكرم بالاستماع له فلا يخلو عمله من المنّ والأذى، والملاحظ لما يحدث يجد أن أغلب المواطنين إما أن يخنع ويتمسكن ويتسول الخدمة من موظفي الدوائر الحكومية، بدءاً بموظف الاستعلامات، وصولاً للمدير العام في أندر الحالات، أو يبحث عن شفاعة أو «واسطة» تفتح له أبواب المستحيلات، كان هذا على صعيد المديرين وصغار الموظفين، لكن في هذه الأيام قد يجد المواطن المسكين ما هو أسوأ عند حاجته لسفيرٍ أو أمينٍ أو وزير ليصرخ بأعلى صوته مصححاً: «المواطن في خدمة المسؤول»!