في الثمانينيات حضرتُ معارض كتاب كثيرة في الشارقة والكويت والبحرين والقاهرة والرياض طبعاً ولم تكن هناك حفلة زار لتوقيع الكُتاب على كتبهم كما يحدث الآن، الذي جعل أخبار التواقيع تسبق أسماء الكتب وصرت تشاهد كُتاباً لا تعرف أسماءهم يوقعون على كتب لم تكلف الصحافة نفسها بنشر أسمائها. إذا كنا نعيش سباقاً محموماً في السعودية لإصدار كتب كيفما اتفق تحمل قيمة أو لا تحمل، فحفلة التواقيع هذه ستزيد سعير حمى الإصدار الذي لن يضيف قيمة للمكتبة السعودية. أفهم أن يتسابق الناس على تواقيع كُتاب مشهورين في معارض الكتاب وفي غير معارض الكتاب، أما أن يصبح التوقيع من حق كل كاتب مهما كان مبتدأً ولأي كاتب فهذه ظاهرة لا تجد لها تفسيراً إلا أن ربعنا ينطبق عليهم المثل «مع الخيل يا شقراء»، بالإضافة إلى أن المساحات في معارض الكتاب عادة ما تكون محدودة مهما طالت الصالات، والصراع على أشده بين دور النشر للحصول على موقع مناسب، فإذا أضفنا لها أماكن تواقيع الكُتاب التي نشرت الصحف شيئاً من استيائهم منها فأعتقد أننا أثقلنا الكتب بما لا طاقة لها به، فبعد أن كانت حدائق للمعرفة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، تحولت المسألة إلى: في ذلك فليتنافس الموقعون! أعتقد أن المسألة بحاجة إلى تقنين وقصر أماكن التواقيع للكتاب المعروفين بتميز إصداراتهم والكتاب المتميز، إذا لم نفعل ذلك ستتحول المسألة إلى ساحة مباهاة ليست معارض الكتاب مكاناً لها، كما أن منظر الكاتب الجديد يستجدي توقيعاً لعابر في المعرض منظرٌ يبعث على الشفقة.