يمثل اهتمام وسعي المسؤولين للوصول بمعرض الرياض الدولي للكتاب إلى القمة في هذا المحفل الدولي، الذي تقوم به عاصمة الثقافة العربية الرياض؛ تجسيداً لرؤية مهندس الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي لم يدخر جهداً، وبذل من وقته الشيء الكثير في سبيل وصولها إلى العالمية، ليس فقط في المجال العمراني كما قد يُرى، بل في مجال التنوع الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والفعاليات المستمرة طوال العام، الذي تحظى به من خلال الهيئات والمؤسسات الثقافية والاجتماعية العديدة، هذه المدينة التي باتت حديث المجتمعات العربية بتطورها العمراني وتنوعها الثقافي، بعد أن جعل منها الأمير سلمان مزار كثير من العالمين العربي والغربي. وبات معرض الرياض الدولي للكتاب واجهةً ثقافية يتطلع إليها مثقفو العرب، وأصبحت الرياض، ليست عاصمة المملكة العربية السعودية، بل عاصمة للثقافة العربية بشكل دائم، وما استقطاب المعرض لأكثر من 250 ألف عنوان وما يزيد عن مليون كتاب إلكتروني، إلا دليل على الوعي الذي يقوم عليه هذا المهرجان الثقافي السنوي، الذي تقوم به وزارة الثقافة والإعلام، ودليل على الرؤية المتقدمة من خلال إضافة خدمات اقتناء الكتب إلكترونياً. وما الإقبال الكبير من دور النشر على هذا المعرض بشكل خاص، وما عدد زواره المرتفع، والمتابعين له من جميع أنحاء العالم العربي، إلا دليل على أن الرياض باتت في مقدمة العواصم العربية، التي ظهرت في الحقبة الأخيرة لتتسيَّد الثقافة العربية، ولتكون وجهة كل من يريد الاستزادة بالعلم وبالثقافة. بل إنَّ معظم المثقفين العرب يسعون إلى أن يكونوا في هذا المعرض، الذي يجذب كثيراً من الزوار والمتابعين والقراء. ويمنح انتشار الوعي وانطلاقه من العاصمة الرياض، دلالات على أنَّ هناك أناساً سخَّروا أنفسهم لخدمة هذه التظاهرة الثقافية، ليعطي مؤشراً إيجابياً باتجاه الكتاب واقتنائه والدعوة المتكررة سنوياً لقراءة الكتاب، ويبين الوعي الذي تتمتع به الرياض تجاه الكتاب، والعمل على توعية المجتمع السعودي، ومن ثم العربي، ومدى أهميته في حياة الأمم، والحرص الكامل على أنَّ العلم هو الذي تتطور به الأمم. حرص ولاة الأمر على أن يكون معرض الرياض الدولي واجهةً ثقافيةً حضاريةً ومنبراً للوعي، جعل من وزارة الثقافة والإعلام تسعى إلى استضافة عديد من المثقفين العرب، كي يروا، ويستمتعوا، ويقدروا مدى ما وصلت إليه الرياض من تقدم وازدهار. وتوضح مدى البعد والتنوع الثقافي الذي تتمتع به الرياض، ليس على صعيد الثقافة المعرفية في حدود الكتاب، بل تتجاوزها من حيث البِنَى التحتيَّة لكل مشروع تقوم به، وما أرض المعرض إلا دليلاً على ذلك، حيث أنه يأخذ حيزاً كبيراً في مساحته، ويأخذ شكلاً هندسياً جميلاً بخلاف تنظيمه الداخلي الذي لم تصل إليه أي من معارض الكتاب في العالم العربي إلى الآن، ولن تصل إليه في المنظور القريب، لسبب بسيط وهو أنَّ المعرض كل سنة عن أخرى يتسع أكثر من السابق، وتزداد صالات العرض في داخله بشكل دوري كل عام. ويشير تنوع الفعاليات في المعرض إلى الرؤية الثاقبة لولاة الأمر، فالفعاليات التي تقام على هامشه من محاضرات استقطبت كبار الكتاب العرب، التي استضافت المغرب كدولة ضيفة لهذا العام، توحي ببعد النظر، وبالنظرة العميقة نحو تفعيل المعرض، وتأصيل المفاهيم، وتكريس البعد العربي فيه، ليجعل من الرياض واجهة حقيقية للثقافة وللمثقفين، ولتكون منارة يستضاء بها في طريق العلم. عدد من الزوار في معرض الرياض الدولي للكتاب (تصوير: رشيد الشارخ)