دعا رئيس اللجنة الثقافية في معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام الدكتور مرزوق بن تنباك للتطلع إلى المستقبل في ما يتعلق بالبرنامج الثقافي الذي ستقترحه اللجنة، مشيراً إلى أن البرنامج سيكون مختلفاً ومتغيراً، متمنياً أن يكون معرض هذا العام «غير». وقال ابن تنباك في حوار مع «الحياة» إن مشاركة السعوديين في نشاط المعرض هي الأساس، ولن يُقصى أحد، وأغلب من سيشاركون في الفعاليات من السعوديين، مؤكداً عدم تحفظ اللجنة على أحد، داعياً المثقفين إلى المشاركة في طرح الاقتراحات. إلى نص الحوار. اختيارك رئيساً للجنة الثقافية في معرض الرياض الدولي للكتاب لقي تأييداً من المثقفين، إذ ينتظرون من شخصية مثلك أن تتولى إحداث انتفاضة في البرنامج الثقافي، ما تعليقك؟ – اللجنة فريق كامل من نخبة المثقفين والمهتمين عموماً، والشأن الثقافي خصوصاً، وليست شخصاً يختاره هذا الفريق لإدارة الحوار وتنظيم اللقاءات، وكل واحد منهم يقدم كل ما يستطيع لأجل نجاح فعاليات المعرض هذا العام، فأدعو لهم بالتوفيق، وساعدوهم في اقتراح ما ترونه يصلح ويصحح، واللجنة ستعمل ما تستطيع، وتطلب من الجميع اقتراح ما يرونه مناسباً للعرض. في الأعوام الماضية كانت الانتقادات شديدة للبرنامج الثقافي، ما التدابير التي ستتخذونها من أجل أن يأتي في مستوى التطلعات؟ - الحكم على الماضي جزء منه، فدعونا نتطلع للمستقبل ونعيش الحاضر ونفكر فيه، ونتفاءل ببرنامج ثقافي مختلف ومتغير مع التدابير، التي ستكون تطلعات القراء والمهتمين في الشأن العام غايتها، والأمل أن يكون معرض هذا العام غير، وستبذل اللجنة كل ما تستطيع من التدابير والجهد، ليكون البرنامج ملبياً لما يتطلع إليه الجميع، وأن يحمل من التجديد ما يكون مختلفاً في العرض والموضوع، وكلنا نعمل لإرضائكم عسى أن نوفق إلى ذلك. معرض الرياض الدولي للكتاب يعد الأهم بين معارض الكتب العربية، لكن ذلك يأتي بسبب قوته الشرائية، وكون الناشرون يعوضون خسائرهم فيه، أما على الصعيد الثقافي، فهو دائماً الأقل شأناً على مستوى المعارض، هل وضعتم ذلك في اعتباركم؟ – كيف يكون المعرض الأهم من بين معارض الكتب العربية، ويكون دائماً الأقل شأناً على مستوى المعارض؟ لا أشك في أن التطوير والتغيير ومحاولة التجديد ستأخذ حقها من اهتمام اللجنة في هذا العام، وسيكون المعرض والنشاطات التي تصاحبه موضع اعتبار واهتمام، وستعمل اللجنة على تقديم نشاط مختلف عما سبق، لا لتقصير في ما مضى، ولكن لمتطلبات الإصلاح ومواكبة التطور وبواعث التجديد. ولا يمكن أن يكون معرض هذا العام نسخة من سابقه في النشاط الذي ستقدمه اللجنة للمسؤولين عن تنفيذ فعاليات معرض هذا العام. يتطلع مثقفون إلى إيجاد برنامج ثقافي، يحتفي أول ما يحتفي، بدعوة أسماء خليجية مرموقة، وألا يكرس التقليد القديم بدعوة أسماء عربية على حساب الأسماء المميزة في الخليج، ما رأيك؟ – يتطلع المثقفون ونحن معهم إلى أن يكون في نشاط هذا العام التنوع الذي يقدم جديداً، وأن تكون الأسماء متسقة مع هذا التنوع، الذي سنسعى إليه، ونحاول تحقيقه على كل المستويات، وسيكون التنوع في الأسماء والمواضيع، ولن يستبعد أحد على حساب أحد، والاختيار لن يستثني أحداً من المشاركة، لاسميا أهل الخليج أو العرب بل وحتى غير العرب، وستكون لهم مشاركة في المعرض وفعالياته، وستشارك في البرنامج الثقافي إحدى الدول الأوروبية (ضيف شرف). ضمن ما طرحه عدد من المثقفين في مواقع التواصل الاجتماعي من أن التركيز يكون دائماً على أسماء مشهورة وأصبحت مستهلكة، من دون بذل أي تعب في البحث عن أسماء مهمة لكنها بعيدة عن الضوء، هل سيكون ذلك ضمن اهتمام اللجنة الثقافية؟ - ستأخذ اللجنة في حسبانها إبراز القدرات الشابة التي قدمت أعمالاً تستحق العرض، والتي بدأ نشاطها الثقافي يأخذ مكانه على الساحة الفكرية في كل المواضيع، لاسيما وسائل الاتصال الجديد واللمسات الإبداعية والواعدة، وستتعب اللجنة في البحث إذا كان تعبها يرضي الزوار للمعرض ويرضيكم في الصحافة، وتلقي الضوء على كل زوايا المشهد الثقافي، ولن يكون أحد بعيداً عنا وعنكم. مشاركة المثقفين السعوديين دائماً ما تكون محل جدل ونقاش لا ينتهي، فهناك من يتهم العرض بالإقصاء، وهناك من يرى أن العلاقات لها دور في دعوة هذا أو ذاك، ماذا في نيتكم عمله لدعوة عدد لا بأس به من المثقفين السعوديين، ومن دون أن يثير الأمر أي تحفظ؟ - مشاركة السعوديين في نشاط المعرض هي الأساس، ولن يقصى أحد، وأغلب من سيشاركون في الفعاليات من السعوديين، وليس عند اللجنة تحفظ على أحد، ولا يمكن أن يكون عندها مثل هذا التحفظ، والمعرض عربي والكتاب عربي، ولكن المبادرة مطلوبة من الجميع، والمشاركة حق يجب أن يسعى إليه المرء، والدعوة للمعرض عامة وليست مقصورة على من تطرح اللجنة أسماءهم وغيرها من الجهات المشرفة عليه. في كل دورة يثير معرض الكتاب سجالاً حاداً بسبب المتشددين الذين يطالبون بمنع الاختلاط وسحب كتب بعينها، كيف ترى مثل هذه الظاهرة، التي يكون الباحثون عن المعرفة على موعد معها كل عام؟ – قد يحدث من البعض إبداء وجهة نظر من جانب، وتقابل بمثلها من الجانب الآخر، وما دام الأمر لدى الطرفين لا يتجاوز إبداء الرأي وإظهار وجهة النظر التي يرى، فذلك من طبيعة الأشياء، ولا أظن أن الأمر يتجاوز هذا الحد المقبول في إظهار الموقف الذي يراه كل طرف ويتحدث عنه، ويود أن يراه من دون أن يصادر رأي أحد بالقوة. وقد بدأ الجو يتسع ويقبل التنوع والتعدد في وجهات النظر، هذا بفضل الحكمة والتأني، ومن يقارن بين الحالين عندما بدأ أول معرض للكتاب وما يراه اليوم، يجد الفارق لمصلحة التفاهم وتجاوز الحدية، التي كانت لدى البعض وأهل الفكر والرأي أقرب إلى الاعتدال وفهم الأمور بأسبابها، وهناك لجنة في المعرض تنظر في ما يقدم إليها من ملاحظات من الناس على ما يعرض، وهي تفصل في ذلك. في العام الماضي سجلت إدارة المعرض 40 مليون ريال مبيعات الكتب التي اشتراها السعوديون، هل نحن شعب يقرأ، أم مجتمع مستهلك ويحب الاقتناء، مثلما يذهب إلى ذلك بعض المثقفين؟ _ هذه شهادة للسعوديين وللمعرض تدحض قول من يقول إن القراءة ليست من شأن العرب، ولا من شأن السعوديين، فمن ينفق من حر ماله 40 مليوناً - كما جاء في السؤال - في بضعة أيام، لا يمكن أن يكون أنفقها تطوعاً لشراء الكتب، بل لشغف بها، وهذا ما يجب أن نحسبه في ميزان حسنات معارض الكتاب في الأعوام الماضية واللاحقة، وستكون شهادة يعتز بها القائمون على معرض الكتاب السعودي الدولي. وظاهرة الإقبال على المعرض واقتناء الكتب ظاهرة حميدة، بل مظهر من مظاهر الوعي الثقافي الذي ينشده الناس ويرحبون به. لننتقل إلى موضع آخر، انتخابات الأندية الأدبية كيف تراها؟ وما رأيك في قضية غياب المشروع الثقافي؟ - نحمد الله أن الانتخابات تمت في الأندية الأدبية، ونأمل لها الاستمرار على أية صورة تكون وعلى أي رأي يرى، أما المشروع الثقافي فلا أحكم بغيابه كما حكم السؤال، ولكنه يحتاج إلى إظهار وإبراز، ووجهة راعية للمشروع وداعمة له غير مسيطرة عليه ولا متحكمة فيه. الأندية الأدبية أصبحت وعاء ثقافياً يعبر عن اهتمام بتحصيل المعرفة، ويؤسس لنواة صالحة للمجتمع المدني الرشيد، الذي نرى بوادره بدأت عندنا، وتتسع ونحمد الله على ذلك. من الآراء المثيرة للجدل رأيك في مسألة الوأد؛ وذلك في كتابك «الوأد عند العرب بين الحقيقة والوهم»، إذ تحديت أن يأتي أحد بمصادر تؤكد أن العرب كانوا يمارسون هذا الفعل في بناتهم. وذكرت أن حصر الوأد في البنات هو تلفيق تاريخي ألصق بالعرب في الجاهلية على يد بعض المؤرخين، ما زلت عند تحديك؟ - مضى على صدور الكتاب خمسة أعوام، وما زال التحدي قائماً، ولم يتصد له من يثبت عكس ما جاء في الكتاب، وقد أتنازل عن التحدي بذكر حالة واحدة حدثت في الجاهلية إلى ذكر كلمة واحدة. لم يثب قط أن عرفت العرب الوأد في الجاهلية للبنات، ولكنها عرفت وعرفت شعوب الأرض كلها منذ الأمد البعيد الوأد للأولاد في حالات خاصة ذكرها الكتاب وأقام الدليل عليها، وتحدى أن يأتي أحد بغيرها وما زال التحدي قائماً. تاريخنا مثل كل التواريخ في العالم فيه ما يمكن مراجعته وإعادة النظر فيه وقراءته بعين الفاحص والناقد. والثقافة في القديم كان يغلب على جمعها وترتيبها منهج مختلف عما أصبح يتبع في تحقيق العلوم الإنسانية اليوم، في القديم لم تكن المناهج في مثل صرامة مناهج اليوم والاستفادة مما تم تحققه في الحاضر أمر مندوب إليه إن لم يكن واجباً اتباعه في هذا الوقت.