تسعى مؤسَّسة الفكر العربي إلى تعزيز الوجود الرقمي العربي على الإنترنت عبر إطلاقها مشروع المحتوى الرقمي العربي والمرصد الإحصائي «مأرب» والتقرير التأسيسي للمحتوى الرقمي العربي «الواقع، الدلالات، والتحديات». وجرى إطلاق المشروع في احتفال خاص أقيم في بيروت أمس، بحضور رؤساء تحرير صحف عربية وسفراء عرب ودبلوماسيين وأكاديميين ومثقفين ومتخصِّصين في المعلوماتية. وألقت الأمينة العامة للَّجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو الدكتورة زهيدة جبور، كلمة مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الدكتور عبدالله محارب، أوضحت فيها أن إطلاق مرصد المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت يُشكِّل إنجازاً في مواكبة الثورة التكنولوجية الحديثة، كما يدلُّ إطلاق التقرير التأسيسي للمحتوى الرقمي العربي على ارتكاز مؤسسة الفكر العربي على استراتيجية علمية تهدف إلى وضع البيانات ورصد الثغرات وتحديد الأولويات والأهداف والعوائق. وشددت على الحاجة للنهوض بالمحتوى الرقمي العربي، خاصة أن نسبة هذا المحتوى لا تتجاوز 3% في حين تبلغ نسبة مستخدمي الإنترنت من العرب 14.2%، أي ما يعادل 41 مليون شخص من أصل 300 مليون ناطق باللغة العربية، وهي نسبة ضئيلة إذا ما قورنت بنسبة المحتوى الرقمي باللغات الأخرى. من جانبه، بين المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو الدكتور حمد الهمامي أهمية المشروع في الربط ما بين الجوانب المعرفية والاقتصادية والتقنية ورصد المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت، ولفت إلى مبادرة «بابل» التي أطلقتها اليونسكو بهدف استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدعم التنوع اللغوي والثقافي، إضافة إلى مبادرات عدَّة. وأوضح مدير مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، التابع لأرامكو السعودية، فؤاد الذرمان، أن المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت يُشكِّل تحدِّياً من حيث الكم والنوعية، إذ يُشكِّل هذا المحتوى نحو أربعة في الألف من إجمالي المحتوى العالمي، وهذا جزء من سلسلة تحدِّيات معرفية وثقافية لا يمكن مواجهتها على انفراد، لافتاً إلى أن مؤسَّسة الفكر العربي استخدمت في مشروعها وسائل جديدة في عمليات الرصد والتتبع والتصنيف الآلي لعينة كبيرة في حجمها، تمتد منذ بداية الإنترنت قبل نحو 20 عاماً، وتشمل ملايين الوحدات المعلوماتية بصيغة النصوص والصور والفيديو. وركَّز الذرمان على العلاقة ما بين المركز ومؤسّسة الفكر العربي، التي تبلورت في سنة 2010 بتوقيع مذكرة تعاون مشترك، مشيراً إلى أن المركز وُلد ليكون رقمياً، مستمداً رؤيته من شركته الأم أرامكو، موضحاً تطلعهم ليكون المركز من روائع القرن ال21، ويُشكِّل إسهاماً عربياً أصيلاً في صناعة الحضارة الإنسانية المعاصرة. وتم في الحفل تقديم عرض إلكتروني لجوانب المشروع كافة من قبل المشرفين عليه، وأوضح الدكتور عماد بشير أن المشروع هو عبارة عن دراسة رقمية ذات منحى دلالي، ينفرد بمنهجية إلكترونية مع تدخُّل إنساني طفيف. واعتبر أن المشروع سيُسهم في تعزيز الوجود الرقمي العربي على الإنترنت، كما أنه سيدفع إلى تطوير محركات وأدلَّة البحث العربية المتوافرة على شبكة الإنترنت. لافتاً إلى أن مؤسّسة الفكر العربي تنفرد بهذا المشروع على مستوى الرصد والتقييم، وأن كل المبادرات التي تسعى إلى تعزيز هذا المحتوى ستكون مدينة للمؤسسة لاحقاً. وتحدث أستاذ اللغويات الحاسوبية في جامعة عين شمس الدكتور خالد الغمري عن المشروع، الذي يرصد المحتوى الرقمي العربي في سياقاته الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والتقنية، مشيراً إلى أن مشكلة المحتوى العربي ليست مشكلة حجم فقط، وإنما في كونه محتوىً لا يُجيب على الأسئلة، وأن المشكلة نوعية وليست كمية، لأن المحتوى المُتاح لا يلبي الاحتياجات المعلوماتية والمعرفية لدى المستخدم العربي للإنترنت، لذلك يلجأ إلى محتوى بلغات أخرى خصوصاً الإنجليزية. وأشار إلى أن عملية الرصد لها مُخرجات هي التقرير الورقي وقاعدة بيانات إحصائية كمصدر للمعرفة والمعلومات وهي تقدِّم إحصائيات للراغبين في الاستثمار في المحتوى العربي. وقدَّم خبير المعلوماتية جمال غيطاس شرحاً حول المرصد الرقمي للمحتوى العربي «مأرب»، الذي يستند على عيِّنة قوامها 20 مليوناً و451 ألفاً و84 وحدة معلوماتية، ويُغطي الفترة الواقعة ما بين العام 1995 و2011. ولفت إلى أنه سيتمُّ تحديث المحتوى لاحقاً بصورة دورية كلَّ ستة أشهر. ويُقصد بالمحتوى الذي يغطيه المرصد كلُّ ما هو مكتوب بحروفٍ عربية على شبكة الإنترنت، أو ما هو مسجَّل بأصوات عربية، أو مصوَّر بشكل يُستَدلُّ به على مصدره العربي.