جلست أمس وأصحابي في البيت، فحضرنا فطورنا وجهزنا قهوتنا فنساؤنا كلهن يعملن، وهمس أحدهم في أذني: أشعر اليوم أنني ربة البيت. واحتجت أم أصبع، وكانت صخوباً مغناجاً: أفي البيت نساء وفي السوق نساء؟ حرمتمونا الوجوه المليحة والعبارات الرقيقة. لا طعم للتسوق بعد اليوم. وسمعت «كاسيت» لأبي مهيط الصحواني ينوح فيه ويقول: نحارب الفرنجة ثم نطبق مسلكهم، ونترك ما كان عليه أسلافنا وآباؤنا. أتعلمون أين يقضين نساؤكم أوقاتهن؟ لقد حدثني ثقة مشهود له بالصلاح أن المرأة العاملة تستعين بصاحبتها فتحل مكانها، بينما تذهب مع صاحبها في خلوة وأنتم غافلون في بيوتكم، نائمون على بطونكم. وجاءني أحد التجار الغيورين مستفتياً: أليست الفتنة أن تلتقي امرأة بأخرى فتنتقل الأسرار ويكثر الفساد، ونحرم أجر العون لإخواننا من عرب الشمال والترك والديلم؟. وكان شيخنا العلامة سكيت الأخلوفاني يمنع زوجته من شراء ملابسها، غيرة عليها وحرصاً، فكان يعطيها بعض ملابسه من «الدفة» ثم أذن لها بالخروج بعد غياب الرجال. وكنا مرة في مجلس حشمة، فأقبل إليّ تاجر شهير وقال، بحزن ظاهر: ولت أيام المتعة، فمن سيخدمني في بيروت بعد إبعاد عمالي النشطاء؟ وطالب الفهامة حندق البرقوقي، وكان وسطياً يحب التيسير ويخشى المواجهة، بربط جهاز تتبع في أقدام النساء فيعرف رجلها أين ذهبت. فقال معطاط: وماذا إن فعلتها في المحل وكلهم متآمرون؟ وبلغني أن هذيل، ابن أخت أنس، قال: كنا نمنع نساءنا من دخول المحال، غيرة عليهن فأصبحن يمنعننا من دخولهن غيرة علينا. ووصف شيخنا الأكبر يوم الخميس بيوم السواد لكثرة العباءات قائلاً: لا اختلاط بعد اليوم فالنساء يزاحمن النساء ولا ضير في هذا الالتحام. ولا يجوز بعد اليوم قول «حريم» فقد رفعهن ولي الأمر إلى مصاف النساء. وغشي على الخطابة برصيصة من كثرة طلبات الزواج، وكلها تشترط أن تكون عاملة في محل. ثم قال شيخي: الخميس ليس لهن بل لنا نحن الرجال، ففيه يكون البيت لنا وندعو الله أن يسترنا فلا نغدو طباخين أيضاً!